مؤشر الدولار الأمريكي هو مقياس لقيمة الدولار الأمريكي مقابل سلة من عملات أجنبية مختلفة في كل يوم. كما أنه من أهم الأدوات التي يركز عليها المتداول.
في الحقيقة، إن ارتفاع وانخفاض مؤشر الدولار يؤثر بشكل مباشر على أسعار العملات الأجنبية المرتبطة به. وهذا التأثر ينعكس مباشرةً على اقتصاد العديد من الدول وبشكل خاص الدول النامية التي تعتمد على الاستيراد.
للتعرف على المزيد من التفاصيل حول مؤشر الدولار وكيفية تداوله وغير ذلك، تابع معنا المقال الآتي.
جدول المحتوى
ما هو مؤشر الدولار DXY؟
مؤشر الدولار الأمريكي له أسماء مختلفة (مؤشر: USDX أو DXY أو DX). ويعتبر مقياسًا لقيمة الدولار مقابل سلة من العملات الأجنبية. ترتفع قيمة المؤشر في حال زاد سعر الدولار مقابل تلك العملات، وبنفس الطريقة تنخفض قيمة المؤشر في حال انخفض سعر الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى.
في الواقع، إن مَن أنشأ مؤشر الدولار هو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وكان ذلك في عام 1973 بعد انتهاء نظام بريتون وودز للمدفوعات بالدولار. حيث قررت رئاسة البلدان أن تحرر عملاتها بشكل كامل بدلًا من أن يتم ربطها بأسعار ثابتة بالـ $. كان ذلك بعد أن علّقت أمريكا العمل بمعيار الذهب.
حقيقةً، الهدف الأساسي من تطوير مؤشر الدولار هو أن يكون مرجعًا للتجارة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. حيث أُتيح تداول العقود الآجلة لمؤشر الدولار آنذاك. كما تم الحفاظ على التداول بحسب المؤشر من قبل بورصة ICE، وذلك كان بين عامي 1985-1986. بالإضافة إلى ذلك، استطاع نظام مؤشر الدولار وضع قواعد للتجارة بين الدول بعد الحرب العالمية الثانية.
على ماذا يعتمد حساب مؤشر الدولار؟
يعبر مؤشر الدولار عن قيمة الدولار مقابل سلة العملات الأجنبية الأخرى. يمكننا القول إن ذلك مشابه للآلية التي تقيس فيها مؤشرات التداول مثل الناسداك وداوجونز قيمة مجموعة من أسهم الشركات المدرجة تحت تلك المؤشرات.
في الواقع لا يتم احتساب مؤشر الدولار الأمريكي وفقًا لأسعار جميع العملات في العالم. بل تحتوي سلة العملات التي يتم تقييم مؤشر الدولار (DXY) على 6 عملات. حيث يتم تقييم مؤشر الدولار (DXY) بحساب المتوسط المرجَّح لوزن كل عملة من العملات التالية:
- اليورو: 57.6٪.
- الين الياباني: 13.6٪.
- الجنيه الإسترليني: 11.9٪.
- الدولار الكندي: 9.1٪.
- الكرونة السويدية: 4.2٪.
- الفرنك السويسري: 3.6٪.
حيث يتم ضرب النسب المئوية لكل عملة من أجل موازنتها مع الدولار، أي أن هذه النسب هي نتيجة لمضاعفة كل مكون وليست متوسط حسابي. ويمكن عرض قيمة المؤشر بحسب ثلاثة منازل عشرية.
في الواقع يستطيع المتداولون استخدام برامج جداول البيانات من أجل بناء مخطط الرسم البياني لمؤشر الدولار الأمريكي كجداول اكسل Excel للبيانات، وذلك من أجل حساب القيمة النظرية للمؤشر أمام سعر صرف العملات المكونة له وموازنتها بطريقة عملية.
أهم المعلومات حول تداول مؤشر الدولار
- الرمز: DOLLAR INDEX
- أوقات التداول: من يوم الإثنين حتى يوم الجمعة.
- الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية.
- رمز العملة: USD.
- رمز البورصة: ICE.
كيف يتم تداول مؤشر الدولار الأمريكي؟
بنفس الطريقة التي يتم بها تداول الفوركس يمكنك ببساطة تداول مؤشر الدولار الأمريكي. فبدلًا من بيع وشراء العديد من الأوراق المالية في نفس الوقت ستكون أمام العديد من الأصول في أصل واحد. وهنا بدلًا من أن تتداول العديد من أزواج الدولار الأمريكي، يمكنك ببساطة أن تتداول مؤشر واحد. وبالتالي على هذا المؤشر أن يرتفع وينخفض بالتوافق مع متطلبات وعوامل السوق العالمي للدولار الأمريكي.
في الواقع يتوفر مؤشر الدولار في السوق الموازي والعقود الآجلة وصندوق الاستثمار في بورصة ICE. حيث يستخدم المتداول مؤشر الدولار الأمريكي في الأسواق المالية كوسيلة مُهمة من أجل تبادل الصفقات الموجودة في أسواق العملات. ولكن لماذا الدولار الأمريكي بالتحديد؟
لأن للدولار الأمريكي أهمية كبيرة في الأسواق المالية العالمية، بالإضافة إلى أن الدولار الأمريكي هو من أعلى العمل الاحتياطية المتحفظ بها إلى الآن في العالم. تلك الأهمية تؤثر بشكل مباشر على سعر الـ USDX. وتجعله مستقرًا نسبيًا ومحميًا من الصدمات الكبيرة الخارجية.
ماذا تحتاج لـ تداول مؤشر الدولار الأمريكي؟
ستحتاج من أجل تداول مؤشر الدولار الأمريكي أن تفتح حساب تداول حقيقي. جنبًا إلى جنب مع مزود الأصول الحقيقية أو وسيط العقود الآجلة. كما أنه مثل المؤشرات الأخرى من ناحية السوق، فما من سوق أساسية مادية من أجل شراء وبيع المؤشر. ولكن هذا سيجعلك بحاجة لاستخدام منتجات الأصول كي تتمكن من اتخاذ صفقات على مؤشر الدولار. ويعتبر التحوط ضد تحركات الدولار الأمريكي من الطرق الشائعة لتداول مؤشر الدولار الأمريكي.
بماذا يتأثر هذا المؤشر ؟
تنخفض وترتفع قيمة مؤشر الدولار بالاعتماد على نسبة العرض والطلب لعملة الدولار الأمريكي، فضلًا عن العملات المكونة في المؤشر نفسه.
كما يتأثر الطلب على عملة الدولار الأمريكي بالسياسة النقدية والتجارية والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى التضخم، والعوامل الخارجية كالأحداث الجيوسياسية ومعنويات الأسواق المالية.
اقرأ أيضًا: ما هو الفوركس
ما أهمية مؤشر الدولار الأمريكي بالنسبة للمتداولين؟
نظرًا لقوة الدولار الأمريكي حول العالم، فإن مؤشر الدولار الأمريكي من أهم الأدوات لمتداولي الفوركس في السوق المالية. حيث يستخدم في التحليل الفني من أجل تأكيد الاتجاهات التي تتعلق بالعديد من الأسواق، بما في ذلك:
- السلع التي تُباع بتسعيرة الدولار.
- أزواج العملات المستخدمة لحساب قيمة مخطط مؤشر الدولار وغيرها من الأزواج التي تشمل الدولار.
- المؤشرات والأسهم.
في الواقع غالبًا ما تنخفض أسعار السلع الأساسية حتى ولو اسميًا على الأقل. ولكن من جهة أخرى قد تتحرك أزواج العملات المختلفة بنفس اتجاه مؤشر الدولار.
بالإضافة إلى ما سبق، تكمن أهمية استخدام مؤشر الدولار الأمريكي بالنسبة للمتداولين في تجنب المخاطر المحتملة، مثل تعويض مخاطر التداول من خلال شراء الدولار الأمريكي والين الياباني.
اقرأ المزيد: رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة إلى 15٪ في تحول دراماتيكي لمواجهة التضخم المرتفع 40٪
تأثير مؤشر الدولار على الذهب
يُعد الذهب الملجأ الآمن، لكنه في الوقت نفسه أصل عقيم، أي أنه غير مولد للأرباح كالأسهم والسندات. ويمكن القول، أم السؤال في العلاقة بين مؤشر الدولار والذهب، هو إلى أين تتحرك السيولة؟
عند حدوث أزمات سياسية وحروب بشكل خاص يلجأ المستثمرون للذهب. وللحصول على الذهب, يتخلص المستثمرون من حيازتهم في مؤشر الدولار للحصول على السيولة. وهذا يعني زيادة العرض من الدولار مقابل زيادة الطلب على الذهب والعكس صحيح.
نتيجة لسياسة التشديد النقدي التي ينتهجها الفيدرالي في سبيل محاربة التضخم وقيامه برفع معدلات الفائدة، ارتفع مؤشر الدولار إلى مستويات 114 بحلول شهر سبتمبر من العام 2022 وهو أعلى مستوى وصله منذ بداية حملة رفع معدلات الفائدة في مارس من العام نفسه.
في هذه الأثناء وصل سعر أونصة الذهب لمستويات قاربت 2070 دولاراً في مارس 2022 بعد موجة تضخم عارمة اجتاحت العالم بسبب أزمة سلاسل التوريد التي أعقبت إغلاق اقتصادات دول العالم وتزامنت مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية والتي زادت من تكاليف الغذاء والطاقة، في تلك الفترة كان يُنظر للذهب على أنه الملاذ الآمن في موجات التضخم والأزمات الجيوسياسية.
لكن ما إن بدأت عملية رفع أسعار الفائدة حتى بدأ الذهب في التراجع عن قمته التاريخية كونه استثمار عقيم كما ذكرنا, وقام المستثمرون بعملية تخلص من حيازتهم في الذهب مما يعني ازدياد المعروض من الذهب مقابل زيادة الطلب على الدولار الذي أصبح يعطي عائد أفضل (أو معدل فائدة). وهنا تتضح العلاقة العكسية بين مؤشر الدولار وسعر الذهب.
ما هو مستقبل هذا المؤشر ؟
(اختيار بدائل للدولار الأمريكي كعملة للتبادل التجاري بين الدول)
على مدار الـ 102 عامًا الماضية، حافظت الولايات المتحدة على مكانتها في الاقتصاد العالمي باعتبار الدولار هو العملة المهيمنة على التبادلات التجارية بين دول العالم، وقد تعززّ ذلك مع ظهور العولمة الاقتصادية. وقد سمح هذا للدولار بأن يصبح أقوى من عملات الاحتياط السابقة.
يذكر صندوق النقد الدولي أن حوالي 60٪ من الاحتياطيات التي تحتفظ بها الدول في بنوكها المركزية على شكل كاش أو أصول مقوَّمة بالدولار الأمريكي حتى نهاية الربع الأول من العام 2023.
بالإضافة إلى ذلك، تكشف البيانات الصادرة عن بنك التسويات الدولية أن الدولار يُستخدم في ما يقرب من 88٪ من جميع المعاملات التجارية العالمية.
والجدير بالذكر أن حصة الدولار الأمريكي من احتياطيات البنوك المركزية كانت تزيد عن 73% قبل أن يفقد جزءًا من حصته بعدما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا. وأدت تلك العقوبات والإجراءات إلى ذعر لدى كثير من الدول التي تحتفظ بعملة الدولار كاحتياطي في بنوكها.
تأثير العقوبات الأمريكية على روسيا وعلاقتها بمؤشر الدولار
إن تأثير العقوبات الأمريكية على روسيا، والذي يوضح مدى قوة الولايات المتحدة في عالم يهيمن عليه الدولار، يقود العديد من البلدان إلى البحث بسرعة عن خيارات بديلة.
هذا مشابه لكيفية قيام دول جنوب شرق آسيا بتسوية المدفوعات مباشرة بعملاتها الخاصة، متجاوزة استخدام الدولار، كما رأينا في معاملات ماليزيا وسنغافورة مع الصين. بالإضافة إلى الجهود المبذولة من قبل دول البريكس (BRICS) من أجل إيجاد عملة موحدة تُستخدم للتبادل بين تلك الدول.
بالمقابل إن سياسة الفيدرالي الأمريكي التي اتبعها في سبيل محاربة التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية (على صعيد محلي) ألحقت الضرر بالعديد من اقتصادات دول العالم وبشكل خاص الناشئة منها. وقد تزامن ذلك مع مؤشرات اقتصادية قوية ترافقت مع وجود مرونة في سوق العمل الأمريكي أبعدت عن الاقتصاد خطر الوقوع في فخ الركود.
ويستفيد الدولار ومؤشره بشكل إيجابي من ارتفاع التضخم، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية. ذلك لأنه يدفع البنك الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة، بسبب زيادة الطلب على الدولار الأمريكي.
بعدما أظهرت بيانات التضخم الصادرة عن مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة الأمريكي في 13-07-2023 انخفاض في معدلات التضخم لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ آذار مارس 2021، تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له منذ 15 شهراً إلى أقل من 100.
ويعود هبوط مؤشر الدولار، إلى التوقعات بأن أرقام التضخم المسجلة، ستشجع الفيدرالي على تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، ما يعطي دلالة على انتهاء دورة التشديد النقدي.
قد يهمك أيضًا: ما هو مؤشر أسعار المنتجين PPI ؟
الخلاصة
وختامًا، فقد عرفنا من خلال المقال السابق أن مؤشر الدولار الأمريكي ببساطة هو أداة قياس قيمة الدولار الأمريكي مقابل سلة العملات الأخرى في العالم.
كما أن مؤشر الدولار هو من الأدوات الهامة للمستثمرين، وهو عرضة للانخفاض والارتفاع وفقًا لتحركات السوق المالي في العالم، ويعتبر الدولار الأمريكي من أهم مكونات الاقتصاد العالمي، وهو الركيزة الأساسية التي يستند إليها أسعار العملات وحركة انخفاض وارتفاع أسعار المعادن الثمينة، بما فيها الذهب.
في الواقع يؤدي ارتفاع سعر الدولار الأمريكي لتضخم يعرض الاقتصاد العالمي للخطر ويضعه أمام تحدي حقيقي يجب مواجهته.
بقلم: أ. جودي علي باشا