العودة للخلف

ما سبب تثبيت الفيدرالي لأسعار الفائدة؟ وماذا بعد؟

 

كمتداول وبعيداً عن تعقيدات الاقتصاد،لفهم دور الفيدرالي الأمريكي في قيادة الاقتصاد, دعونا نطرح الأمر بشكل مبسط جداً.

تخيل نفسك تريد الوصول إلى مكان خارج المدينة التي تقطن فيها وفي وقت محدد وليكن على سبيل المثال الساعة الثانية ظهراً بالضبط.

ستقود سيارتك التي لم تذهب بها خارج المدينة التي تسكن فيها من قبل والآن ستقوم باختبار قوة تحمل السيارة.

أنت الآن على الطريق السريع وقمت بزيادة سرعة السيارة إلى أن وصلت إلى مستوى معين.

والآن عليك أن تراقب مؤشرات لوحة القيادة، من حرارة المحرك ومؤشر الزيت.

ستقوم الآن بتثبيت السرعة لتقوم بتقييم كل من قوة تحمل سيارتك والمدة اللازمة للوصول إلى الوجهة في حال قمت بتثبيت السرعة.

تذكر أنك تريد الوصول إلى وجهتك في الساعة الثانية بالضبط.

بعد قراءة المؤشرات الحالية ستقرر فيما إذا كنت ستزيد من سرعتك أم العكس وهل ستتحمل سيارتك تلك السرعة أم لا؟

في الواقع إن قائد المركبة هو رئيس الفيدرالي الأمريكي والسيارة هي الاقتصاد الأمريكي ومؤشرات لوحة التحكم هي المؤشرات الاقتصادية.

يراقب أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المؤشرات من أجل اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة (سرعة السيارة) للوصول إلى مستوى تضخم 2% (توقيت الوصول).

قرار الفائدة الأمريكية

قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء وقف عملية رفع الفائدة في اجتماعه الحادي عشر منذ بداية سياسة التشديد النقدي التي اتبعها.

وذلك من أجل قياس تأثير الزيادات العشر السابقة للفائدة.

بعد الاجتماع صرح البنك الفيدرالي في بيان له على لسان رئيسه جيروم باول:

“إن الحفاظ على النطاق المستهدف ثابتاً في هذا الاجتماع سيفسح المجال للمزيد من عملية تقييم للبيانات وآثارها على السياسة النقدية”.

وجاء هذا التأجيل لرفع الفائدة بعد اجتماع أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) والتصويت بالأغلبية على إبقاء سعر الفائدة على وضعه الحالي.

وذلك على الرغم من أن التوقعات كانت تشير إلى أنه من الممكن أن يشهد عام 2023 تحركات بالزيادة بمقدار ربع نقطة لمرتين على الأقل قبل نهاية العام الحالي.

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول (Jerome Powell) في مؤتمر صحفي عقب قرار البنك المركزي:

“لقد رفعنا سعر الفائدة بمقدار خمس نقاط مئوية بوتيرة سريعة، لقد استعملنا الكثير من الأدوات، ولكننا لم نشعر بعد بالتأثيرات الكاملة لتشديد السياسة”.

وأضاف ” أنه في حين أن التضخم قد تراجع إلى حد ما، فإن ضغوط الأسعار تستمر في الارتفاع، وعملية العودة إلى معدل التضخم 2٪، ما زال أمامها طريق طويل”.

أدت إمكانية زيادة أسعار الفائدة إلى الضغط على الأسهم فور انتشار الأخبار، لكن الحديث المشجع عن مكافحة التضخم سمح للسوق بالانتعاش لفترة وجيزة.

إيقاف مؤقت للتشديد النقدي

قال محافظو البنوك المركزية إنهم يحتاجون لستة أسابيع أخرى لمعرفة تأثيرات تحركات السياسة النقدية،

حيث يخوض بنك الاحتياطي الفيدرالي معركة تضخم أظهرت مؤخراً بعض المؤشرات الواعدة وإن كانت غير متكافئة.

ترك قرار معدل الاقتراض الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في النطاق المستهدف بين 5٪ -5.25٪.

يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد ذلك في الفترة من 25 إلى 26 يوليو المقبل

وستكون نقاشات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة جلسة عامة وسيتم بثها ليتابعها المهتمون مباشرة على الهواء.

توقعات الأسواق السابقة لاجتماع الفيدرالي

كانت الأسواق تتوقع على نطاق واسع أن “يتخطى” الاحتياطي الفيدرالي هذا الاجتماع – يفضل المسؤولون عموماً عبارة “توقف مؤقت”،

مما يعني ضمنياً خطة طويلة المدى للحفاظ على أسعار الفائدة في مكانها.

لكن التوقعات تغيرت بشدة ضد الزيادة بعد أن أشار صُنّاع السياسة،

ولا سيما جيروم باول ونائب الرئيس فيليب جيفرسون، إلى أن بعض التغيير في النهج يمكن أن يكون في محله.

ما يثير الاهتمام في هذا القرار هو “مخطط النقطة”.

توقعات أعضاء اللجنة الفيدرالية

والذي يشير إلى التوقعات الفردية لأعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المتعلقة برؤيتهم لأسعار الفائدة.

تحركت النقاط صعوداً بلا ريب، مما دفع متوسط التوقعات إلى أنه من الممكن أن يصل معدل الفائدة إلى 5.6٪ بنهاية عام 2023.

أشارت النقاط بكل وضوح إلى ارتفاع الفائدة للأعلى، مما دفع متوسط التوقعات إلى معدلات فائدة قد تبلغ 5.6٪ بحلول نهاية عام 2023.

وبافتراض تحرك اللجنة بزيادات ربع نقطة، فذلك يعني رفع لمرتين أخريين للفائدة من خلال الاجتماعات الأربع المتبقية حتى نهاية عام 2023.

في مذكرة بعد الاجتماع قال بنك أوف أمريكا (Bank of America) إنه يتوقع تحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي في يوليو وسبتمبر.

في المقابل وخلال المؤتمر الصحفي، قال باول إن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لم تتخذ قرارًا بعد بشأن ما إذا كان من المحتمل أن تكون هناك زيادة أخرى في يوليو.

آراء المحللين والخبراء

قال ديفيد راسل (David Russel)، نائب رئيس استخبارات السوق في (TradeStation):

“توقعنا وقفة متشددة وتوقفوا بشكل متشدد للغاية”. “بالنظر إلى سوق العمل القوي، فإن الاحتياطي الفيدرالي لديه مجال لسحق التضخم ولا يريدون تفويت فرصتهم.”

وتابع: “مع ذلك، تخطى صُنّاع السياسة معدلات رفع أسعار الفائدة حتى يتمكنوا من مراقبة البيانات”.

وهذا يزيد من أهمية كل تقرير اقتصادي في الفترة المقبلة.

المزيد من الأخبار السارة مثل مؤشر أسعار المستهلكين ومؤشر أسعار المنتجين هذا الأسبوع قد تسمح للمتداولين بتجاوز حديث بنك الاحتياطي الفدرالي الحاد ورؤية تحول حذر في وقت لاحق من العام.

جيروم باول لا يزال في جعبته الكثير من الأدوات، لكنه قد يفقد الفائدة المرجوة منها “.

اختلاف في الآراء حول الاجتماعات المستقبلية

وافق أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يوم الأربعاء بالإجماع، على الرغم من استمرار الخلاف الكبير بين الأعضاء.

أشار اثنين من الأعضاء إلى أنهما لا يتوقعان ارتفاعات هذا العام بينما توقع أربع أعضاء زيادة لمرة واحدة، وأيد تسعة أعضاء أو نصف أعضاء اللجنة زيادة لمرتين.

كما رفع الأعضاء توقعاتهم للسنوات المقبلة، ويتوقعون الآن معدل تمويل فدرالي بنسبة 4.6٪ في عام 2024 و3.4٪ في عام 2025.

وهذا يتجاوز التوقعات الخاصة عند 4.3٪ و3.1٪ في مارس الماضي، عندما تم تحديث ملف التوقعات الاقتصادية آخر مرة.

ومع ذلك، تشير قراءات العام المقبل إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة  بنقطة مئوية كاملة في عام 2024، إذا استمرت توقعات هذا العام.

التوقع طويل المدى لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية ثابت عند 2.5٪.

توقعات اتجاه أسعار الفائدة في المستقبل

وأدى رفع الأعضاء لتوقعاتهم بخصوص النمو الاقتصادي لعام 2023 إلى التغيير في توقعات الأسعار للفترة المقبلة،

وتشير التوقعات الآن إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1٪ مقارنة بتقدير 0.4٪ في مارس.

كان المسؤولون أيضًا أكثر تفاؤلاً بشأن البطالة هذا العام، حيث يتوقعون الآن معدل بطالة 4.1٪ بحلول نهاية العام مقارنة بـ 4.5٪ في توقعات مارس.

توقعات التضخم في الفترة المقبلة

وبالنسبة للتضخم، فقد أجمعت التوقعات على نسبة 3.9 % لأسعار الغذاء،

أما بالنسبة لمؤشر أسعار المستهلكين ومؤشر أسعار المستهلكين الأساسي فكانت التوقعات تشير إلى 3.2% للمؤشر الأساسي (باستثناء الغذاء والطاقة)

فيما يتعلق بالتضخم فقد أظهرت توقعات أعضاء اللجنة الفيدرالية إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي (باستثناء الغذاء والطاقة) إلى 3.9 %

مقابل انخفاض في المؤشر العام لنسبة 3.2 %.

توقعات نفقات الاستهلاك الشخصي

أشارت التوقعات إلى وصول كل من مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي والعادي إلى كل من 3.6 % و3.2 % على التوالي.

بالنظر إلى ما سبق يمكن أن نستنتج أن أعضاء الفيدرالي يرون أن التحركات المتوقعة من السياسة النقدية تحتاج إلى المزيد من الوقت

مما يعني أن الزيادة في أسعار الفائدة التي تمت في الفترة الماضية تحتاج إلى بعض الوقت لتظهر فعاليتها في الاقتصاد.

خلاصة

بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في مارس 2022، بعد عام تقريبًا من بدء التضخم الذي ارتفع بشكل دراماتيكي

إلى أعلى مستوى له في حوالي 41 عامًا في أمريكا ليتجاوز مستوى 9 %.

وقد بلغت هذه الزيادات في أسعار الفائدة 5 نقاط مئوية على مؤشر الاحتياطي الفيدرالي إلى مستوى لم يسبق له مثيل منذ عام 2007,

حيث ارتفعت من 0.25 % مع بداية التشديد لتستقر (مؤقتاً) عند 5.25 %.

ساهمت تلك الزيادة في أسعار الفائدة إلى دفع معدلات الرهن العقاري لمدة 30 عاماً إلى أكثر من 7 %،

كما أدى ارتفاع في تكاليف الاقتراض للمواد الاستهلاكية الأخرى مثل قروض السيارات وبطاقات الائتمان.

وأشارت البيانات الأخيرة  إلى تباطؤ في معدل التضخم على الرغم من أن المستهلكين ما زالوا يعانون من ضغوط الأسعار

ويواجهون تكاليف مرتفعة للعديد من السلع والخدمات.

التضخم من سنة 2015 -2023 مع نظرة مستقبلية حتى عام 2024 المصدر

العوامل المؤثرة على التضخم الأمريكي

تأثر التضخم بالعديد من العوامل المرتبطة بوباء كوفيد 19 وأزمة سلاسل التوريد والطلب المرتفع غير الاعتيادي على السلع والخدمات.

تريليونات الدولارات من حزم تحفيز الاقتصاد من كل من الكونجرس والاحتياطي الفيدرالي الذي كان لديه وفرة من المعروض النقدي

مقابل ندرة في السلع والخدمات بسبب إغلاق الاقتصاد في تلك الفترة.

في الوقت نفسه، أدى عدم التطابق بين العرض والطلب في سوق العمل إلى ارتفاع كل من الأجور والأسعار.

سعى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تصحيح هذا الوضع من خلال تشديد السياسة. التي شملت كلاً من زيادات الأسعار

وتخفيض أكثر من نصف تريليون دولار من الأصول التي تحتفظ بها في ميزانيتها العمومية.

هل ترى أي فرصة للتداول؟

افتح حسابك الآن

تابعونا عبر السوشال ميديا

أحدث المقالات

  • اقتصاد الإمارات
  • سهم جرير
  • سهم الباحة