توقعات المحللين للعام 2023 متباينة، لكنهم يتفقون عمومًا على أن النمو الاقتصادي سيتباطأ وأن التضخم سيظل مرتفعًا. كما يتوقع المحللون أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين الاقتصادي بسبب الحرب في أوكرانيا وانتشار كوفيد-19.
فيما يلي بعض التوقعات الرئيسية للمحللين للعام 2023:
- النمو الاقتصادي العالمي سيتباطأ إلى 3.6٪ في عام 2023، من 4.1٪ في عام 2022.
- التضخم سيظل مرتفعًا في عام 2023. حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 5.7٪ في الاقتصادات المتقدمة و8.7٪ في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
- ستستمر الحرب في أوكرانيا في التأثير على الاقتصاد العالمي، حيث ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
- سينتشر كوفيد-19 مرة أخرى في عام 2023، مما سيؤدي إلى قيود جديدة على السفر والتجارة.
من المهم ملاحظة أن هذه مجرد توقعات، ويمكن أن تتغير الظروف الاقتصادية بسرعة. من الأفضل أن تظل مطلعًا على أحدث الأخبار الاقتصادية وأن تضع خطة مالية لمختلف السيناريوهات.
جدول المحتوى
نهاية 2022
انتهى العام 2022 بخساراتً مدويّة في أسواق الأسهم العالمية. وانخفاضات حادّة في المؤشرات الكُبرى، فما هي توقعّات توقعات المحللين لعام 2023. انقضى عام 2022 عصيباً على المستثمرين وسوق الأسهم الذي شهد خسارة تاريخياً بقيمة تجاوز 18 تريليون دولار. على وقع أزمات متتالية.
بناء على ذلك بدأت بتعطل سلاسل الإمداد بعد أزمة وباء كوفيد-19. وتفاقمت بنشوب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع مستويات التضخّم القياسية. كل ذلك أنتج عاماً أسوداً انتهى بهبوطٍ حادٍ في معظم وأهم المؤشرات الاقتصادية. مثل S&P 500 الذي أنهى العام على أسوأ أداء سنوي منذ العام 2008.
وكذلك مؤشري ناسداك وداو جونز، بالإضافة إلى خساراتٍ كبيرة في العديد من الأسهم الرئيسية الكُبرى مثل تسلا وميتا وأمازون.
ومع بداية 2023، يترقب المستثمرون عاماً يحمل لهم أخباراً جيّدة. ولا سيما بأن تاريخ سوق الأسهم لم يشهد عامين متتالين من الهبوط إلا نادراً. ولكن ما هي توقعات الخبراء للعام القادم؟ وما هي أهم العوامل المؤثرة التي ستضبط إيقاع العام الجديد؟ وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بمستقبل الأسواق بدقّة، إلا إننا سنحاول استعراض أبرز الآراء والتوقعات.
نظرة تفاؤلية لعامٍ أفضل!
في استطلاعٍ أجرته صحيفة بلومبرغ، كانت توقعات 71% من المحللين لعام 2023 وكبار المستثمرين العالميين أن تشهد أسواق الأسهم ارتفاعاً في العام 2023، وتأتي هذه النظرة المتفائلة من التوقّع بأن النصف الأول من العام الجديد سيشهد ركوداً جزئياً، مما سيدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى التخفيف من وتيرة رفع أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من العام 2023 بعد الارتفاعات الكبيرة الت شهدها العام المنصرم، وربما ينهي العام الجديد ببدء العودة إلى تخفيض مستوياتها مجدداً.
أما شبكة CNBC، فأجرت بدورها استطلاعاً شمل 400 من كبار المستثمرين والمحللين ومدراء المحافظ، وتنبأ 40% منهم بارتفاع مؤشر اس اند بي 500 بمعدل 6 إلى 10%، فيما كان البعض الآخر أكثر تفاؤلاً وتوقعوا ارتفاعات ربما تتجاوز 20% وتعوّض خسائر العام 2020، وبالمجمل، توقّع أكثر من 65% من المشاركين بالاستطلاع عاماً إيجابياً لسوق الأسهم عموماً.
يربط المحللون أيضاً أداء أسواق الأسهم بالانتخابات الأمريكية. فالبيانات التاريخية تشير إلى أداء أفضل لسوق الأسهم في السنة الثالثة من الولايات الرئاسية للرؤساء الأمريكيين. ولا سيما في أعقاب انتهاء الانتخابات النصفية، فمنذ العام 1945 ارتفع مؤشر S&P 500 بمعدل 6.1% خلال الربع الرابع من أعوام الانتخابات النصفية، وبمعدّل 7.5% خلال الربع الأول من الأعوام التي تليها، ويربطون هذا الأداء بحرص الرؤساء الأمريكيين دوماً على بذل كلّ ما في وسعهم لتنشيط الاقتصاد بهدف كسب أصوات الناخبين، ومع ذلك فهذه البيانات والإحصاءات لا تصلح بأن تكون دليلاً قاطعاً على ضرورة تحسّن الأسواق خلال العام الجديد، ولكنها تستحق الذكر هنا.
متحوّر “يوم القيامة” ومخاوف أخرى للعام الجديد
في مقابل هذه النظرة التفاؤلية، يخشى الكثيرون من بوادر عودة تفشي وباء كوفيد-19 في الصين، أو ما أُطلق عليه إعلامياً “متحوّر يوم القيامة” وما يمكن أن يحمله ذلك من تأثيرات سلبية على الاقتصاد الصيني والعالمي مجدداً في حال قررت السلطات الصينية تشديد إجراءات قيود الإغلاق داخل البلاد، بالإضافة إلى القيود على السفر من أو إلى الصين.
بالإضافة إلى مخاطر تفشي وباء كوفيد-19 مجدداً، ينظر المحللون بقلق إلى مجموعة من المخاطر التي ربما تتهدد الأسواق العالمية، وعلى رأسها المخاوف من استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بانتهاج سياسات صارمة ورفع مستويات الفائدة، بالإضافة إلى المخاوف من نشوب حرب بين الصين وتايوان أو تعطّل سلاسل الإمداد ونقص موارد الطاقة في أوروبا، وجميع هذه العوامل ربما تؤثر سلباً على أسواق الأسهم.
ما هي توقعات المحللين لعام 2023 لأسواق التكنولوجيا والطاقة والعملات المشفّرة؟
مع الهبوط الحادّ الذي شهدته كُبرى الأسهم التقنية، مثل سهم تسلا الذي أنهى العام بانخفاض بنسبة 68%، وميتا بانخفاض 66%، وكذلك أمازون ونتفليكس وباي بال التي انخفضت جميعها بنسبٍ تفوق 50%، يبدو أن المستثمرين سيترددون في الشراء مجدداً ضمن هذا القطاع، وربما ينتهجون سياسة أكثر دفاعية بانتظار تحسّن الأداء، ولكن العديد من الخبراء يرون أن هذه الأسهم هبطت مع نهاية العام 2022 إلى أقل من قيمتها الحقيقية، وأن هذه الأسهم ستستعيد عافيتها مجدداً نظراً للدور الهام الذي تلعبه كبرى شركات التكنولوجيا في جميع مفاصل حياتنا، ولذلك ربما يكون العام 2023 فرصة جيّدة للاستثمار في كبرى الشركات التقنية التي واجهت عاماً قاسياً وهبطت إلى مستويات قياسية.
أما قطاع الطاقة فقد أنهى العام 2022 على نحوٍ مغاير لقطاع التكنولوجيا، إذ حققت معظم شركات الطاقة الكُبرى أرباحاً جيّدة للغاية، ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن العام 2023 سيكون مختلفاً عن ذلك، بل ستواصل أسهم الطاقة مسيرتها الصاعدة على الأرجح، ويبدو أن العديد من المستثمرين سيركزون في العام الجديد على شركات الطاقة.
على صعيدٍ آخر، تبدو النظرة سلبية للغاية فيما يتعلق بمستقبل العملات المشفّرة التي أنهت العام 2022 بخساراتٍ فادحة، حيث صوّت أكثر من 80% من الخُبراء الذين شملهم استطلاع CNBC بأنهم لن يقتربوا من العملات المشفّرة في عام 2023 ولا يعتقدون بأنها ستتعافى، ويبدو بأن هذه العملات ستبقى بعيدة عن دائرة اهتمام المستثمرين خلال العام القادم.
الخاتمة
يرى العديد من الخبراء أن عام 2022، وعلى الرغم من الخسارات الكبيرة التي سجّلها، إلا أنه أنهى حالة التضّخم المفرط في أسعار العديد من الأسهم بعد الفقاعة التي حدثت في أعقاب الخروج من أزمة وباء كوفيد-19، وبذلك يرون هذا الهبوط ما هو إلا عودة تلك الأسهم إلى قيمتها الحقيقية ومسارها الطبيعي، وبذلك ربما يكون العام 2023 عاماً هادئاً بمسارٍ إيجابيّ بعيداً عن التقلّبات الحادّة، وفرصة مواتية للغاية للشراء ولا سيما بأن هناك قاعدة في وول ستريت تقول بأن السوق الهابط يُتبع عادةٍ بسوقٍ صاعد.
لقد أثبت العام 2022 ما تحدثنا عنه دوماً حول الطبيعة المتقلّبة لسوق الأسهم، وهو يؤكد صحّة النصائح التي لا نكفّ عن توجيهها بضرورة تنويع المحافظ الاستثمارية والالتزام بسياسة الصبر والنفس الطويل، ولا سيما في ظلّ مثل هذه الظروف الاستثنائية والاضطرابات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي يمرّ بها عالمنا المضطرب.