الفرق بين المُضاربة والاستثمار، بداية هما مصطلحان شائعان ومُتداولان بشكلٍ دائم في عالم المال والتداول، وعلى الرغم من أن كلا الأمرين يتعلقان ببيع وشراء الأصول والأدوات المالية على نحوٍ أساسي، إلا أنهما يختلفان في أوجه متعددة، ولكلّ منهما أهدافه وتقنياته وأدواته الخاصة.
في هذا المقال سنتعرف على معنى كلّ من الاستثمار والمضاربة، وأهم الاختلافات بينهما، وسنتطرق إلى إمكانية خوض غمار الاستثمار والمُضاربة عبر منصتنا، المنصة العربية للاستثمار.
ما المقصود بالاستثمار (investing)؟ وكيف يختلف عن المضاربة (speculating)؟
الاستثمار هو مُصطلح يدلّ بشكلٍ أساسي على استراتيجية في التداول تعتمد على شراء الأصول، سواء كانت أسهماً أو سندات أو معادن ثمينة، والاحتفاظ بها لفترة طويلة نسبياً، تصل إلى عدّة سنوات أو عقود حتى، وذلك على أمل تحقيق أرباح جيّدة في المستقبل من خلال إعادة بيع هذه الأصول بسعر أعلى من سعر الشراء، أو من خلال الحصول على الأرباح السنوية التي تقوم الشركة بتوزيعها على المستثمرين.
على سبيل المثال، ربما يقوم أحد المستثمرين بشراء أسهم في شركة ما والاحتفاظ بها لعشرين أو ثلاثين سنة حتى وصوله إلى سنّ التقاعد للاستفادة منها بقية حياته من خلال بيعها أو جني الأرباح، في حين ربما يقوم مستثمر آخر بالاحتفاظ بتلك الأسهم لمدّة سنتين أو ثلاثة فقط ومن ثم بيعها بعد ارتفاع أسعار الأسهم بشكلٍ كافٍ.
في المقابل، تعتمد المُضاربة على عمليات شراء وبيع متكررة وخلال فترات قصيرة من الزمن بهدف الاستفادة من تقلّبات الأسعار الكبيرة في السوق وتحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح، والمميز في المُضاربة أن الأرباح لا تتحقق من ارتفاع الأسعار بل من تقلباتها، حيث يعمد المضاربون إلى الشراء بأسعار منخفضة والبيع بأسعار مرتفعة، وفي حين يأمل المستثمرون بتحقيق أرباح تصل إلى 10% على أساسٍ سنوي، يهدف المضاربون إلى تحقيق أرباح أعلى بكثير.
جدول المحتوى
ما هي أهم التقنيات المُستخدمة في الاستثمار والمُضاربة؟
بشكلٍ عام، يتطلب الاستثمار الناجح رؤية صحيحة واختيار موفّق للشركات أو الأسهم المرغوبة، بحيث يُتوقّع أن ترتفع قيمة الأسهم بشكلٍ جيّد خلال السنوات القادمة، ولا يهتمّ المستثمرون عادة بالانخفاضات السريعة والمؤقتة في أسعار الأسهم، بل يركزون على التوقعات طويلة الأمد، كما يحرص المستثمرون على تنويع حقائبهم الاستثمارية بهدف تقليل المخاطر جرّاء انهيار سهم أو إفلاس شركة ما، ويتحقق ذلك من خلال شراء مجموعة متنوعة من الأسهم بالإضافة إلى الأوراق المالية الأخرى والمعادن الثمينة أو حتى العملات المشفّرة، أو عبر تحقيق التنويع بشكلٍ تلقائي من خلال صناديق الاستثمار المشترك (mutual funds) أو في صناديق المؤشرات المُتداولة (ETFs).
في المقابل، يركّز المضاربون على التغيّرات السريعة والحادّة في أسعار الأصول، ولا سيما الأسهم، ويستفيدون من انخفاضها كما يستفيدون من الارتفاع من خلال عمليات البيع والشراء المتكررة على أساس أسبوعي أو يومي أو حتى ساعيّ، وعلى عكس الحال في الاستثمار، يعتبر تنويع المحفظة الاستثمارية أمراً غير ممكن في المُضاربة، إذ يصعب مراقبة عدد كبير من الأسهم في وقتٍ واحد.
يحرص المضاربون على توقع الاتجاه العام لحركة الأسواق، أو ما يُسمى بـ (trend)، والتنبؤ هل هو صعوديّ أو هبوطيّ، ليتخذوا بناءً على ذلك قراراتهم بالبيع أو الشراء، ويستخدمون من أجل ذلك مجموعة من أدوات التحليل التقنيّ (technical analysis)، مثل مستويات الدعم والمُقاومة والمؤشرات التحليلية والمُتوسطات المُتحركة وغيرها، كما يستفيدون من مجموعة من الأدوات المالية التي تساعدهم على مضاعفة أرباحهم، ومن أهمها أداة الرافعة المالية التي تحدثنا عنها في مقالٍ سابق
كيف أختار بين الاستثمار والمُضاربة؟
في الحقيقة، يعتمد الاختيار بين الاستثمار والمُضاربة على مجموعة من العوامل، ولعلّ أهمها استعداد المُتداول للمُغامرة، فالمُضاربة تنطوي على درجة عالية نسبياً من المُخاطرة، وتتطلب من المُتداول تكريس جزء كبير من وقته في مراقبة المؤشرات والأسواق لاتخاذ القرارات في الوقت المناسب، وعلى الرغم من تحقيق بعض المضاربين لأرباح كبيرة للغاية خلال فترة قصيرة، يخسر آخرون كلّ ما لديهم نتيجة قرارات خاطئة أو تغيّرات غير مُتوقعة في الأسواق.
من ناحية أخرى، يُعتبر الاستثمار استراتيجية طويلة الأمد وأكثر أمناً ولا تتطلب الكثير من الدراسة والتحليل كما هو في المُضاربة، فبمجرد اختيار الأسهم المُناسبة للاستثمار وشرائها، يمكن للمستثمرين نسيانها لفترة من الوقت ربما تمتدّ حتى عشرات السنين مع متابعة أداء الشركة وحالة الأسواق من حين لآخر للانسحاب في الوقت المناسب إن تطلب الأمر، كما أن تنويع المحفظة الاستثمارية يحمي المستثمرين بشكلٍ كبير من مخاطر انهيار أو إفلاس شركة ما بشكلٍ مفاجئ.
اطلع على: دليلك للاستثمار في قطاع الاتصالات
ومن الأمثلة على تجارب الاستثمار الناجحة، فإن سعر السهم الواحد في شركة أمازون قبل 10 أعوام كان بحدود 12.6 دولار، في حين يبلغ اليوم حوالي 94 دولار، أي أن المستثمرين في أمازون قبل 10 سنوات حققوا اليوم أرباحاً بنسبة 750% تقريباً، وذلك على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدتها أسهم أمازون خلال العام الحالي، والأمر ذاته ينطبق على العديد من الأسهم الأخرى مثل أسهم شركات تسلا ونتفليكس ومايكروسوفت، وجميع هذه الأسهم مُتاحة للاستثمار عبر المنصة العربية للاستثمار.
وهكذا، يُمكن القول بأن الاستثمار هو خيار مُناسب لك إذا كنت ترغب باستثمار طويل الأمد ولا ترغب بالمغامرة بأموالك أو لا تمتلك الوقت الكافي للجلوس أمام شاشة حاسوبك ومُتابعة المؤشرات وتحليلات الأسواق، في حين أن المُضاربة هي خيار جيّد لمحبي المغامرة والراغبين بتحقيق أرباح سريعة والمستعدين لدراسة الأسواق كما يجب، والجدير بالذكر أنه يمكن اللجوء إلى خيار وسطيّ وهو المزج بين الاستثمار والمُضاربة، مثل تكريس 70% من الأموال للاستثمار، وخوض غمار المضاربة بالنسبة المتبقية.
أخيراً، لا بدّ من التذكير بإمكانية الاستثمار أو المُضاربة عبر المنصة العربية للاستثمار التي تسمح لمستخدميها بالتداول على عقود فروقات الأسهم والفوركس والسلع والمؤشرات والعملات المشفّرة، كما توفّر العديد من المزايا الهامة منها أكثر من 500 أداة للتداول ورافعة مالية تصل إلى 200:1، بالإضافة إلى التداول منخفض التكلفة والسرعة الفائقة في التنفيذ والعديد من المقالات والتحليلات الفنية
اليومية بواسطة خبراء ماليين محترفين لمساعدتكم على فهم الأسواق وتوقع حركتها واختيار الأصول المناسبة للاستثمار أو المُضاربة.