اختفى بريق الجنيه المصري في الحقيقة، وتراجع بشكل كبير عن قدرته على تلبية احتياجات المواطن البسيط في السنوات الأخيرة في مصر. ولكن في الماضي، كان الجنيه المصري يقف قوياً أمام الدولار الأمريكي، حيث كان يعادل خمس دولارات. مما يعكس قوته الاقتصادية واستقراره المالي.
علاوة على ذلك، ففي الآونة الأخيرة، سمح البنك المركزي المصري بتحديد سعر صرف الجنيه المصري وفق آليات السوق. مما يعني أنه لم يعد يتدخل بشكل مباشر في تحديد سعر الصرف. بالإضافة إلى ذلك، شهدت أسعار الفائدة زيادة كبيرة بنسبة 6 في المئة دفعة واحدة. وهي خطوة بررها البنك المركزي بضرورة حماية متطلبات التنمية الدائمة. كذلك معالجة تراكم الطلب على النقد الأجنبي. كما يهدف هذا القرار إلى تقليص الفجوة بين سعر الصرف الجنيه المصري في السوق الرسمية والسوق الموازية. والتي غالبًا ما تكون غير مستقرة وتشكل كذلك تحديات كبيرة لاقتصاد مصر.
كما تتضمن هذه الإجراءات الاقتصادية خطوات جريئة تهدف إلى إعادة توازن الاقتصاد المصري وتعزيز استقراره المالي. ومع ذلك، فإن تأثيراتها على الحياة اليومية للمواطنين تظل محل نقاش وجدل. حيث تواجه الأسر تحديات متزايدة في تلبية احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المستمر.
اقرأ أيضًا: الريال السعودي: نظرة شاملة على العملة الوطنية للمملكة وارتباطها بالعملات العالمية
جدول المحتوى
البداية الذهبية لعملة الجنيه المصري
في الواقع، فإن تاريخ الجنيه المصري يعود إلى بداياته الذهبية، حيث ولد في عام 1836. قبل ذلك، لم تكن في مصر وحدة نقدية تمثل أساسًا للنظام النقدي في البلاد. كما أنه في عهد والي مصر محمد علي باشا، صدر مرسوم ينص على إصدار عملة مصرية مدعومة بالذهب والفضة. وبموجبه كذلك وُلد الجِنيه المصرِي الفضي والذهبي.
اقرأ المزيد: ين الياباني: كل ما تحتاج إلى معرفته حول العملة الوطنية لليابان 2024
إصدار الجنيه المصري
علاوة على ما سبق، وفي عام 1836، شهدت مصر إصدار الجنيه المصري لأول مرة ليكون وحدة نقدية مستقلة تعبر عن السيادة الاقتصادية للبلاد. كما جاء هذا الإصدار بعد مرسوم أصدره والي مصر محمد علي باشا، الذي قرر إنشاء عملة وطنية مدعومة بالذهب والفضة. حيث تم سك الجنيه المصري ليزن 8.5 غرامات من الذهب. كما مثل هذا الإصدار تحولًا هامًا في النظام المالي المصري، الذي اعتمد سابقًا على العملات الأجنبية أو التجارة بالمقايضة. من جهة أخرى، فق، تمتع الجنيه المصري بقيمة مرتفعة، وكان يعادل عدة دولارات أمريكية، مما يعكس الاستقرار والقوة الاقتصادية لمصر في ذلك الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، فقد قد استمر استخدام الجنيه المصري في شكله المعدني حتى نهاية القرن التاسع عشر. حين بدأ البنك الأهلي المصري في إصدار العملة الورقية لأول مرة في عام 1899. كما كان هذا التحول إلى الورق النقدي خطوة هامة لتيسير التعاملات المالية الكبيرة. وتلبية احتياجات الاقتصاد المتنامي كذلك، بالإضافة إلى التوسع في التجارة الدولية. كما ارتبط الجنيه المصري لاحقًا بمعيار الذهب، مما أعطى الاقتصاد المصري استقرارًا نسبيًا وقوة نقدية انعكست على الحياة الاقتصادية في البلاد. حيث أصبح الجنيه المصري رمزًا للهوية المالية لمصر. وركيزة أساسية كذلك في تعاملاتها التجارية والاقتصادية مع العالم.
للمزيد من المقالات: تعويم العملة: تعرف إلى فوائده وأضراره وتاريخ ظهوره وأكثر!
أزمة الديون والإصلاح النقدي
في أواخر القرن التاسع عشر، واجهت مصر في الحقيقة أزمة ديون خارجية خانقة نتيجة لسياسات اقتصادية غير مستقرة. وتوسع في الاقتراض كذلك لتمويل مشاريع البنية التحتية. كما تراكمت الديون على مصر، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد وزيادة الضغط على النظام المالي. وفي عام 1885، تم إصدار قانون الإصلاح النقدي كخطوة لإعادة بناء الاقتصاد واستعادة الثقة في النظام المالي كذلك.
علاوة على ذلك، كان الإصلاح النقدي يستند إلى معيار الذهب، حيث تم اعتماد الجنيه المصري الذهبي كعملة موحدة وأساسية. كما تم التخلي عن معيار المعدنين (الذهب والفضة) الذي كان قائمًا في السابق. كذلك فإن هذا التغيير جاء بهدف تحسين التعاملات التجارية مع الدول الأجنبية. خاصة مع توسع التجارة الدولية واحتياج البلاد لعملة قوية ومستقرة.
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها مصر، فقد ساعد قانون الإصلاح النقدي على تحسين الوضع الاقتصادي والجنيه المصري. حيث أسهم في تثبيت قيمة العملة المحلية وتعزيز الثقة بها. كما كانت هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة من النظام النقدي المصري. والتي ساعدت البلاد على إدارة أزمتها المالية والتكيف كذلك مع المتغيرات الاقتصادية. بالإضافة إلى تعزيز استقرار التعاملات المالية الداخلية والخارجية بعملة الجنيه المصري.
قد يهمك أيضًا: Solana سولانا: إليك كل ما تحتاج معرفته حول هذه العملة المشفرة ومميزاتها
تأثير الاحتلال البريطاني
في الحقيقة، فإنه مع تزايد النفوذ البريطاني في مصر، والذي وصل إلى حد الاحتلال في عام 1882. بدأت مصر تتجه نحو الارتباط بالنظام المالي البريطاني. كما أنه نتيجة لنقص الإصدارات الجديدة من الجنيه الذهبي المصري، فقد سُمح باستخدام بعض العملات الذهبية الأجنبية. خاصة الجنيه الإسترليني، بأسعار صرف ثابتة. كذلك خلال فترة الاحتلال البريطاني، اعتمدت مصر بشكل كبير على هذا النظام المالي الجديد، مما ساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا.
تابع معنا: BNB أو Binance Coin: الدليل الشامل للتعرف على هذه العملة الرقمية وأهميتها
التحديات والإنجازات
علاوة على ما سبق، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها مصر، فقد ظل الجنيه المصري رمزًا للاستقرار والقوة الاقتصادية في فترات متعددة من تاريخه. كذلك اليوم، يمثل الجنيه المصري تاريخًا طويلًا من التحولات والتحديات التي شكلت مساره. كما أنه يبقى جزءًا لا يتجزأ من الهوية الاقتصادية لمصر.
اقرأ أيضًا: الإيثريوم Ethereum: دليلك للتعرف على هذه العملة الرقمية بشكل كامل
الجنيه الإسترليني في النظام المالي المصري
في الواقع، فقد كانت العملات المتداولة في مصر تشمل الجنيه الاسترليني الذهبي والجنيه الذهبي المصري. وقد برز الجنيه الاسترليني كوسيلة رئيسية للتبادل التجاري، حيث كانت قيمته تتجاوز محتواه الذهبي مقارنة بالعملات الأجنبية الذهبية الأخرى. اعتمد النظام المالي المصري على المعيار الذهبي الاسترليني بدلاً من الاستناد إلى معيار الذهب المعتاد.
اقرأ المزيد: البتكوين bitcoin: رحلة من عملة غريبة إلى دور رئيسي في الاقتصاد العالمي
أصل تسمية الجنيه المصري
يُشار إلى أن العملة المصرية حملت اسم “الجنيه” نسبة إلى العملة البريطانية التي كانت تستخدم قبل التحول إلى “الباوند”. كما تعود كلمة “جنيه” إلى “غينيا”، وهي المنطقة التي كان يُجلب منها الذهب لاستخدامه في سك العملة البريطانية. علاوة علىذلك، وفي نهاية عصر النهضة، كان الأوروبيون يجلبون ثروات إفريقيا والأمريكتين إلى أوروبا، وخاصة الذهب من غينيا الواقعة في غرب إفريقيا. هذا الذهب كان يستخدم في دور سك العملة في إنجلترا، وبالتالي حملت العملة اسم البلد الذي جاء منه الذهب.
للمزيد من المقالات: الجنيه الاسترليني: تعرف على أهميته وتاريخه ودوره في ساحة العملات العالمية
تأثير الجنيه الاسترليني على الاقتصاد المصري
في الحقيقة، فقد كان اعتماد الجنيه الاسترليني كمعيار ذهبي في النظام المالي المصري خطوة هامة لتعزيز الاستقرار المالي وتعزيز الثقة في العملة المحلية. هذا الربط بالنظام المالي البريطاني جاء نتيجة للاحتلال البريطاني لمصر وتأثيره الكبير على السياسات الاقتصادية والنقدية في البلاد. وقد ساعد هذا الربط في تيسير التجارة مع الدول الأخرى، وخاصة بريطانيا، وتسهيل المعاملات المالية الداخلية والخارجية.
قد يهمك أيضًا: التخطيط الاستراتيجي: دليلك الشامل للوصول إلى النجاح التنظيمي
الأثر التاريخي والنقدي
على مر السنين، ساهم استخدام الجنيه الاسترليني والجنيه المصري في تشكيل نظام مالي متين في مصر. من خلال هذا النظام، تمكنت مصر من مواجهة التحديات الاقتصادية وتطوير بنيتها التحتية المالية. وقد أثرت هذه التحولات بشكل كبير على الاقتصاد المصري أو الجنيه المصري تحديدًا، حيث ساعدت في تعزيز التجارة الدولية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
تابع معنا: نفط برنت: أحد أهم أنواع النفط وأكثرها تداولًا وتأثيرًا على الاقتصاد في العالم
طرح الجنيه المصري الورقي لأول مرة في مصر
تأسس البنك الأهلي المصري في عام 1898، ومنحته الحكومة امتياز إصدار الأوراق النقدية القابلة للتحويل إلى ذهب. وفي عام 1899، أصدر البنك لأول مرة العملة الورقية من الجنيه المصري، التي حملت على أحد وجهيها زخارف هندسية تتوسطها اسم البنك الأهلي وفئة العملة النقدية، بينما حمل الوجه الآخر صورة لجملين في صحراء مصر. كان الجنيه المصري الورقي يقدّر بـ 7.43 غرامات من الذهب. نظراً لقيمته الكبيرة، فقد قُسّم إلى فئات أصغر مثل القرش والمليم.
اقرأ أيضًا: المفكرة الاقتصادية: ودورها في متابعة آخر الأخبار والتحليلات الاقتصادية
تحول العملات في مصر
مع إصدار الجنيه المصري الورقي، ضمت العملات المتداولة في مصر الجنيه الاسترليني الذهبي وأوراق النقد المصرية القابلة للتحويل إلى ذهب. كما استمر هذا الوضع حتى 2 ديسمبر 1914، عند بداية الحرب العالمية الأولى وإعلان بريطانيا الحماية على مصر. في ذلك الوقت، ربطت بريطانيا الجنيه المصري الورقي بالجنيه الإسترليني، وكان الجنيه المصري حينها أقوى من الجنيه الاسترليني. كذلك صدر قانون بوقف تحويل العملة الورقية من الجنيه المصري إلى ذهب، ومنذ عام 1930 بدأت مصر تستخدم علامات مميزة لمنع التزييف والتزوير، مثل العلامة المائية والأشرطة المعدنية والصور المجسمة على الأوراق النقدية الكبيرة من الجنيه المصري.
اقرأ المزيد: اقتصاد تركيا: أحد الاقتصادات البارزة في الساحة الاقتصادية العالمية
تحول النظام النقدي
أصبح الجنيه المصري الورقي هو الوحدة الأساسية للعملة، ما أدى إلى تغيير قاعدة النظام النقدي المصري. كما لم تعد العملات الذهبية تستخدم في التداول. وفي عام 1961، أسست مصر البنك المركزي الذي صار له السلطة والسيطرة على تداول الجنيه المصري. كذلك في عام 1962، ربطت مصر الجنيه المصري بالدولار الأمريكي.
للمزيد من المقالات: الاستهلاك وأهم تحولاته: من الاقتصاد التقليدي إلى الاستهلاك المستدام
مسيرة الجنيه المصري
صدر الجنيه المصري الورقي لأول مرة في 3 أبريل 1899. ومنذ ولادته، مر الجنيه المصري بعدة مراحل: حيث بدأ بمعيار ثنائي المعدن من الذهب والفضة، ثم رُبط بالذهب فقط، وبعدها بالجنيه الاسترليني، وأخيرًا تم ربطه بالدولار الأمريكي.
تقلبات سعر الجنيه المصري
بعد الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952 وحتى عام 1967، سجل سعر صرف الدولار قفزة كبيرة مقابل الجنيه، حيث ارتفع من نحو 0.25 إلى نحو 0.38 من الجنيه. واصل الجنيه تراجعه أمام الدولار في السبعينيات بعد سياسة الانفتاح والاعتماد على اقتصاد ربحي بدلاً من الإنتاجي. في نهاية عام 2011، سجل سعر صرف الدولار نحو 13.25 جنيهاً، ومع قرار تعويم العملة في نوفمبر 2016، قفز إلى 19.60 جنيهاً.
قد يهمك أيضًا: اقتصاد قطر: كل ما تحتاج معرفته عن مميزات هذا الاقتصاد والتحديات التي تواجهه
التدهور المستمر لـ الجنيه المصري
منذ عام 1939 وحتى عام 2023، ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بشكل ملحوظ. قفز من نحو 0.2 جنيه في عام 1939 ليسجل نحو 30.85 جنيه في البنوك في العام الماضي، مما يعني أن سعر الدولار تضاعف مقابل الجنيه بأكثر من 150 مرة في السوق الرسمية خلال تلك الفترة. عند تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر في 2014، كان الدولار يباع بـ 6.9 جنيهات مصرية، مقارنة مع 5.8 جنيهات قبيل ثورة يناير 2011.
تابع معنا: اقتصاد الإمارات: عناصره الأساسية ومميزاته وأهم التحديات التي يواجهها
الاقتراض والتعويم لعملة الجنيه المصري
في ظل الأزمات الاقتصادية، اتجهت الدولة إلى الاقتراض لمواجهة المصاعب. واصل الجِنيه المصري التراجع الواضح خلال 2015 و2016، ونشطت السوق السوداء، حيث بلغ الدولار 22 جنيهاً مقارنة مع 8.8 جنيهات في السوق الرسمية. كما اضطرت الحكومة المصرية حينها إلى الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي لتعويم الجنيه للحصول على حزمة من القروض.
اقرأ أيضًا: بنك الاسكان والتعمير؛ أهم خدماته وحالته الاقتصادية في الآونة الأخيرة
أبرز التحديات التي واجهها الجنيه المصري منذ ثورة يناير 2011
منذ ثورة يناير 2011، واجه الجنيه المصري تحديات كبيرة منها التذبذب وعدم الاستقرار في سعر الصرف. كما سجل سعر صرف الدولار ارتفاعًا كبيرًا مقابل الجنيه، مما أثر على الاقتصاد المحلي ومستوى معيشة المواطنين. في نوفمبر 2016، قررت الحكومة تعويم الجنيه في محاولة لإعادة التوازن إلى الاقتصاد، مما أدى إلى ارتفاع التضخم وزيادة تكاليف المعيشة. وعلى الرغم من هذه التحديات، تسعى الحكومة المصرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال التعاون مع المؤسسات المالية الدولية وتنفيذ سياسات مالية ونقدية متعددة.
اقرأ المزيد: اقتصاد مصر: تعرف على أحد أكثر الاقتصادات تنوعًا وقوة في الشرق الأوسط
بداية ارتباط الجنيه المصري بالدولار الأمريكي
بعد الحرب العالمية الثانية، ظهرت الولايات المتحدة كقوة اقتصادية مهيمنة، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يمثل 50 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي. هذا الوضع جعل من المنطقي أن يصبح الدولار الأمريكي احتياطي العملة العالمي.
للمزيد من المقالات: رموز العملات: نوافذ على اقتصادات العالم
اتفاقية بريتون وودز
في عام 1944، اجتمع مندوبو 44 دولة في بريتون وودز، نيوهامبشير، وتوصلوا إلى اتفاقية بريتون وودز. هذه الاتفاقية أقرت رسمياً اعتماد الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية. بموجب هذه الاتفاقية، ربطت الدول الأخرى أسعار صرف عملاتها بالدولار الأمريكي، الذي كان في ذلك الوقت قابلاً للتحويل إلى الذهب. هذا الربط جعل الدولار مستقراً نسبياً ومكّن الدول الأخرى من تثبيت عملاتها، مما ساهم في استقرار النظام المالي العالمي.
استفاد العالم في البداية من الدولار القوي والمستقر، وانعكس هذا إيجابياً على الاقتصاد الأمريكي. حيث أصبح الدولار عملة التجارة الدولية والاحتياطات النقدية. هذا الاستقرار شجع على تدفق الاستثمارات العالمية إلى الولايات المتحدة وساهم في تعزيز مكانتها الاقتصادية.
قد يهمك أيضًا: سهم بلتون: كل ما تحتاج معرفته عن إحدى أبرز الشركات المصرية في الشرق الأوسط
محاولات التخلص من هيمنة الدولار
على مدى السنوات الأخيرة، سعت مصر إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي في نظامها المالي في محاولة للحد من تأثير تقلبات الدولار على الاقتصاد المحلي. جاءت هذه المحاولات ضمن استراتيجيات تهدف إلى تنويع احتياطاتها من العملات الأجنبية وتعزيز استخدام العملات الأخرى مثل اليورو واليوان الصيني في التجارة الدولية. كما قامت مصر بتوقيع اتفاقيات تبادل عملات مع عدد من الدول لتقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات التجارية، مما يتيح مرونة أكبر في إدارة التجارة الخارجية واستقرار أسعار الصرف.
من جهة أخرى، تسعى مصر من خلال هذه الخطوات إلى تعزيز سيادتها المالية وتقليل التأثيرات السلبية لارتفاع الدولار على أسعار السلع المستوردة والتضخم، حيث أدى الاعتماد الكبير على الدولار إلى تفاقم الضغط على الجنيه المصري. وبرغم هذه الجهود، لا تزال هيمنة الدولار تشكل تحديًا نظراً لدوره المحوري في الاقتصاد العالمي وكونه العملة الأساسية في معظم المعاملات الدولية، مما يجعل التخلص من هذا الاعتماد بالكامل مهمة صعبة، لكنه هدف يسعى صانعو القرار الاقتصادي في مصر إلى تحقيقه تدريجيًا لتحقيق مزيد من الاستقلالية النقدية.
اقرأ أكثر: المجموعة المصرية لتداول الأوراق المالية: وكل ما تريد معرفته عنها
التأثيرات الاقتصادية طويلة الأمد على الجنيه المصري
في الحقيقة، فإن اعتماد الدولار كعملة احتياطية عالمية جلب معه العديد من التأثيرات الاقتصادية طويلة الأمد. كما ساعدت هذه الهيمنة الولايات المتحدة على تمويل عجزها التجاري والحفاظ على معدلات فائدة منخفضة. ومع ذلك، واجهت بعض الدول تحديات في محاولة فك ارتباط عملاتها بالدولار بسبب الاعتماد الكبير على الدولار في التجارة العالمية والاحتياطات النقدية.
من جهة أخرى، كانت اتفاقية بريتون وودز نقطة تحول مهمة في تاريخ النظام المالي العالمي، حيث وضعت الأساس لهيمنة الدولار الأمريكي. على الرغم من بعض الجهود للتخلص من هذه الهيمنة، إلا أن الدولار لا يزال يلعب دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي.
تابع معنا: نموذج العمل التجاري: دليلك الشامل للتعرف على أهمية هذا النموذج وخطوات إنشائه
الخاتمة
في ختام هذا المقال، يمكن القول إن الجنيه المصري يمثل تجسيدًا لتاريخ طويل ومعقد من التحولات الاقتصادية والسياسية. منذ ظهوره لأول مرة في عام 1836 كعملة مدعومة بالذهب والفضة، مرورًا بإصدار الجنيه الورقي في نهاية القرن التاسع عشر، وحتى التحولات الكبرى التي شهدها النظام النقدي المصري خلال القرن العشرين، يعكس الجنيه المصري مسار تطور الاقتصاد المصري وصراعاته وتحدياته.
لقد كانت مراحل تطور الجِنيه المصرِي مليئة بالأحداث المهمة. تأسيس البنك الأهلي المصري وإصدار الجنيه الورقي في عام 1899، وربط العملة بالذهب والجنيه الإسترليني، ثم التحول إلى الدولار الأمريكي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كل هذه المحطات توضح كيف تأثرت العملة المصرية بالتحولات الاقتصادية العالمية والأوضاع السياسية الداخلية.
في النصف الثاني من القرن العشرين، وبعد الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952، بدأت مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، منها التغيرات في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والسياسات الاقتصادية المتبعة مثل الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات. هذه التغيرات أدت إلى تراجع قيمة الجنيه بشكل مستمر أمام الدولار، مما أثر بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي ومستوى معيشة المواطنين.
اقرأ أيضًا: توزيعات الأرباح: دليل شامل عن كيفية فهمها واستراتيجيات الاستثمار المرتبطة بها
الخلاصة
منذ ثورة يناير 2011 وحتى الوقت الحالي، مر الجنيه المصري بفترات من التذبذب وعدم الاستقرار. قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 كان خطوة جريئة تهدف إلى إعادة التوازن إلى الاقتصاد المصري، لكنه جاء بتبعات كبيرة على سعر الصرف ومستوى التضخم. برغم هذه التحديات، استمرت الحكومة المصرية في السعي نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال سياسات مالية ونقدية متعددة، بما في ذلك التعاون مع المؤسسات المالية الدولية.
اليوم، يظل الجنيه المصري رمزًا لهوية مصر الاقتصادية وتاريخها. يعكس تاريخه الطويل القدرة على التكيف والصمود في وجه التحديات الاقتصادية والسياسية. إن فهم هذا التاريخ يسهم في تقديم رؤية أعمق لكيفية تطور الاقتصاد المصري وكيفية مواجهة التحديات المستقبلية.
ختامًا، فإن الجِنيه المَصري ليس مجرد وحدة نقدية، بل هو مرآة تعكس تطورات تاريخية واقتصادية وثقافية لمصر. كما أن استمراره في التكيف والبقاء يعبر عن مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على التكيف مع الظروف المتغيرة، مؤكداً على أهمية تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام لضمان مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
اقرأ المزيد: لوكهيد مارتن: نظرة شاملة على إحدى أكبر شركات الدفاع والطيران في العالم 2024
الأسئلة الشائعة
بدأ تاريخ الجنيه المصري في عام 1836 عندما أصدر والي مصر محمد علي باشا عملة مدعومة بالذهب والفضة. في عام 1898، تأسس البنك الأهلي المصري وأصدر الجنيه الورقي لأول مرة في عام 1899. كانت هذه العملة الورقية قابلة للتحويل إلى ذهب وكانت تقدر بـ 7.43 غرامات من الذهب. مر الجنيه بمراحل عديدة، من الاعتماد على المعيار الذهبي، إلى الربط بالجنيه الاسترليني، وأخيرًا بالدولار الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية. شهدت قيمة الجنيه تحولات كبيرة، خاصة بعد سياسة الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات وقرار التعويم في عام 2016.
ارتبط الجنيه المصري بالدولار الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية عندما أصبحت الولايات المتحدة قوة اقتصادية مهيمنة على الساحة العالمية. في عام 1944، توصلت 44 دولة إلى اتفاقية بريتون وودز التي اعتمدت الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية. ربطت مصر عملتها بالدولار في عام 1962 بعد تأسيس البنك المركزي المصري في عام 1961، وذلك في إطار السعي لتحقيق استقرار اقتصادي وتسهيل التجارة الدولية.