تُعتبر الرافعة المالية إحدى الأدوات التي يمكن للمستثمرين الاستفادة منها لتضخيم الأرباح سواءً في حالات هبوط الأسواق أو ارتفاعها، وفي هذا المقال سنتعرف على مفهوم الرافعة المالية بلغة مبسّطة للغاية وسنحاول شرح كيفية الاستفادة منها في تحقيق الأرباح خلال فترات هبوط الأسواق.
تشهد الأسواق المالية اليوم اضطراباً كبيراً وهبوطاً شديداً تحت وقع الأزمات السياسية والمالية العالمية، ويشهد العديد من المستثمرين خسائر مدمّرة، في حين ينجح آخرون بركوب الموجة والاستفادة من حالة عن طريق الرافعة المالية الهبوط لتحقيق أرباح كبيرة.
ما المقصود بالرافعة المالية؟
هي استراتيجية أو أداة لزيادة التعرّض للأسواق التي يتداول فيها المستثمرون بما يفوق قيمة الاستثمار الأساسي (رأس المال) الذي افتتحوا به التداول، وتهدف الرافعة المالية أساساً إلى تضخيم الأرباح، مع الإشارة إلى أنها سلاح ذو حدين، فكما تزيد الأرباح يمكن أن تزيد الخسائر أيضاً.
جدول المحتوى
دعونا نتحدث بلغة أبسط قليلاً …
في البداية، يجب أن نطرح على أنفسنا سؤالاً بديهياً للغاية،ألا وهو لماذا سميّت بهذا الاسم ما دامت مرتبطة بالتداول والأرباح وما إلى ذلك؟
جاءت تسميتها من الرافعة التقليدية التي نعرفها جميعاً، فالرافعة لهذا ذراع، وبفضل هذه الذراع يمكن حمل أوزان أثقل بجهد أقل، وبالطريقة نفسها تُساعد المتداولين على تحقيق ربح أكبر برأس مال أقل.
ولفهم الأمر بشكلٍ أفضل سنطرح مثالاً تخيّلياً:
فلنفترض أن شخصاً ما يمتلك 1000 دولار ويريد الاستثمار بها من خلال شراء أسهم تبلغ قيمة السهم الواحد منه دولاراً واحداً.
بعد قيام هذا المستثمر بشراء الأسهم، ارتفعت قيمة السهم بنسبة 10%، وهذا يعني أن سعر السهم بات 1.1 دولار، وربح المستثمر بذلك 100 دولار، حيث أصبحت قيمة الـ 1000 سهم تعادل 1100 دولار بدلاً من 1000 فقط.
ولكن ماذا لو استخدم المستثمر السابق الرافعة المالية في عملية الاستثمار، هذا ما سيحصل:
قلنا أن الرافعة المالية تساعد المستثمر على التعرّض للسوق بشكلٍ أكبر برأس مال أقل، ولكن لفهم الرافعة المالية علينا فهم بعض المصطلحات، وهي الهامش ونسبة الرافعة.
الهامش هو مبلغ معيّن يجب على المستثمر إيداعه في منصة التداول لضمان إبقاء صفقة التداول مفتوحة وتغطية أية خسائر قد تحدث للمتداول ويُحدد هذا المبلغ بحسب نسبة الرافعة وقيمة الاستثمار النهائي ويجب تعويضه باستمرار في حال تعرّض المُتداول للخسائر، أما نسبة الرافعة فهي نسبة تحددها شركة الوساطة، وتوفّر عادة أكثر من نسبة بحسب رغبة المستثمر، وتدلّ على نسبة رأس المال الأصلي إلى التعرّض (أو القدرة على التداول)، فمثلاً إذا أراد المستثمر التداول في السوق بقيمة 100,000 دولار بنسبة رافعة 1:100، فهذا يعني أن عليه إيداع رأس مال أولي (أو هامش) بقيمة 1000 دولار.
يمكن القول أن الرافعة المالية تسمح للمستثمر باقتراض المال للتداول فيه بهدف جني أرباح أكبر مما لو تمّ التداول برأس المال الموجود فقط، ولا شكّ بأن مثل هذا الأمر قد يعني أرباحاً مضاعفة أو خسائر مضاعفة.
كيف يمكن تحقيق الأرباح باستخدام الرافعة المالية؟
لا بدّ أن نعيد ونكرر بأن الرافعة المالية هي سلاح ذو حدّين، إذ يمكن أن تحقق أرباح مضاعفة، أو خسائر مضاعفة، فهي تزيد درجة المخاطرة، ولتحقيق الربح بالشكل الأفضل باستخدام الرافعة المالية يجب دراسة الأسواق بشكلٍ جيد وتحليلها والتنبؤ بحركتها المستقبلية على نحوٍ صحيح.
نستتخدم الرافعة المالية في التداول إما لعمليات شراء أو بيع، ونجد الإشارة إلى عمليات التداول تتمّ عادة على شكل أزواج، أي دولار مقابل سهم، أو دولار مقابل يورو، أو دولار مقابل عملات مشفّرة، وما إلى ذلك.
في عمليات الشراء يتمّ شراء أصل ما، سواءً كان عملة أو أسهم أو أيّ شيء آخر، وفق سعر السوق، فمثلاً إذا أراد مستثمر ما شراء أسهم في شركة يبلغ سعر السهم الواحد فيها 10 دولارات برأس مال قدره 1000 دولار، فيمكن لهذا المستثمر شراء 100 سهم فقط، أو شراء 1000 سهم باستخدام رافعة مالية بنسبة 1:10.
إذا ارتفع سعر السهم بعد 24 ساعة بمقدار 10%، فهذا يعني المستثمر ربح 100 دولار أمريكي، في حين كانت ستقتصر أرباحه على 10 دولارات فقط دون استخدام الرافعة المالية، وبالمقابل أيضاً، إذا هبط سعر السهم 10% فهذا يعني أنه خسر 100 دولار أمريكي.
إذاً، يمكن تحقيق أرباح مضاعفة باستخدامها خلال فترات صعود الأسواق عبر عمليات الشراء.
اطلع على: دليلك للاستثمار في قطاع الاتصالات
ماذا عن الأسواق الهابطة؟
تمرّ الأسواق اليوم بحالة هبوط عامّة، وفي حين يتعرض الكثير من المستثمرين لخسارات كبيرة، يمكن للبعض الاستفادة من للأسواق الهابطة في الحقيقة عن طريق حالة الهبوط تلك لتحقيق الأرباح باستخدام الرافعة المالية، مع التأكيد على أن ذلك يتطلب خبرة ودراية جيّدة بالأسواق الهابطة وحركتها ومؤشراتها.
يمكن استخدامها ايضا في عمليات البيع لتحقيق الربح، فإذا تنبأ المستثمر بهبوط سهم أو أصل أو عملة ما، فيمكنه الدخول في صفقة بيع برافعة 1:100 مثلاً بهامش 1000 دولار، وبالعودة إلى مثال السهم السابق بسعر 10 دولارات، سيقوم هذا المُتداول ببيع 10.000 سهم بقيمة 100,000 دولار أمريكي، وبرأس مال قدره 1000 دولار فقط.
وبعبارة أبسط، يمكن القول بأن هذا المستثمر اقترض أو استعار 100,000 سهم وقام ببيعها على الفور.
في اليوم التالي هبط سعر السهم من 10 دولارات إلى 8 فقط، مما يعني أن المستثمر حقق ربحاً قدره 20% وبات بمقدوره الآن استخدام الـ 100,000 دولار أمريكي لشراء 12,500 سهم، أي أنه ربح 2500 سهم باستخدام الرافعة المالية، وإذا استمر هبوط السوق فيمكنه إعادة العملية مجدداً وتحقيق المزيد من الأرباح، وفي المقابل سيتعرض لخسارة كبيرة إذا غيّرت الأسواق اتجاهها بشكلٍ مفاجئ من الهبوط إلى الصعود.
اطلع على: 7 أسباب تدفعك للاستثمار في الشركات الناشئة
دعونا نطرح مثالاً آخر لتعزيز الفكرة، وليكن في مجال العملات المشفّرة التي تشهد اليوم حالة هبوط كبيرة:
يمتلك أحد المستثمرين مبلغ 10,000 دولار أمريكي ويريد التداول في العملات المشفّرة، مكن لهذا المستثمر شراء حوالي 0.5 عملة بتكوين بالسعر الحالي البالغ حوالي 20,000 دولار أمريكي، ولكن المُتداول يتوقع استمرار هبوط السوق، لذلك يدخل في صفقة بيع باستخدام رافعة مالية بنسبة 1:10، وهذا يعني أنه سيقوم ببيع 5 عملات بتكوين بقيمة 100,000 دولار أمريكي.
مع تعمّق خسائر السوق، لنفترض وصول سعر بتكوين إلى 15,000 دولار، وهذا يعني أن المُتداول ربح بنسبة 25%، لأنه بات قادراً على إعادة شراء 6.6 بتكوين بدلاً من 5 باستخدام الرافعة المالية.
اذا كانت لدينا الخبرة الجيّدة والنظرة التحليلية الصحيحة يمكننا تكرار عمليات البيع والشراء وفقا لحركة المرور باستخدام الرافعة المالية وتحقيق أرباح مضاعفة برأس مال أوليّ بسيط.
خاتمة
الرافعة المالية هي أداة تداول تسمح للمستثمرين من أصحاب رؤوس المال الصغيرة المشاركة بقوة وفعالية أكبر في الأسواق.
تتيح للمستثمرين الدخول في صفقات كبيرة تتجاوز رأس مالهم بأضعاف مضاعفة، فهيا تزيد من تعرّض المستثمرين للأسواق وُتضاعف أرباحهم أو خسائرهم.
يمكن للمُتداولين المحترفين الاستفادة من الرافعة المالية خلال فترات هبوط الأسواق.
عن طريق الدخول في صفقات بيع ليحققو أرباح كبيرة . ويتطلب ذلك خبرة جيّدة وتنبؤ صحيح بحركة الأسواق القادمة لتجنب التعرّض إلى خسائر عظيمة.
اذا كان لديك أي سؤال حول المقالة لا تتردد في كتابة تعليق.