سجلت أسهم تسلا أسوأ أداءٍ سنويّ لها منذ طرحها للاكتتاب العام في 2010، ويعزى ذلك بحسب الكثيرين إلى انشغال إيلون ماسك بمنصة تويتر ومشاكلها.
يمرّ رجل الأعمال والملياردير الأمريكي إيلون ماسك بأوقات صعبة للغاية، فقد خسر حتى الآن جزءاً كبيراً من ثروته بعد أن سبق له التربع على عرش الرجل الأغنى في العالم، ويرى الكثيرون أن جزءاً كبيراً من هذه المشاكل يعود إلى التشتت الذي أدخل نفسه به بعد صفقة الاستحواذ المثيرة للجدل على منصة تويتر في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 2022، مما انعكس سلباً على أداء شركة تسلا العملاقة لصناعة السيارات الكهربائية.
تويتر في قفص الاتهام
كشف إيلون ماسك مؤخراً عن نيته تعيين مدير تنفيذي جديد لتويتر ليحلّ مكانه بمجرد الانتهاء من بعض الإجراءات التنظيمية الواسعة في الشركة، ويأتي ذلك استجابة لمخاوف المستثمرين في تسلا من أن ماسك يضيع وقتاً كبيراً ويشتت تركيزه بمشاكل تويتر التي لا تنتهي، بالإضافة إلى تذمّر الكثير من مستخدمي منصة من طريقة إدارة ماسك لها والأضرار البالغة التي أصابتها منذ استحواذه على الشركة وتولي منصب المدير التنفيذي، حتى أن البعض يصف الوضع حالياً بـ “الفوضى”.
وجاء قرار ماسك هذا بعد تصويت عام أجراه على المنصة شارك فيه أكثر من 17.5 مليون مُشترك، وانتهى بتصويت 57.5% من المشاركين لصالح تخليه عن المنصب، ليكتب ماسك بعد ذلك تغريدة قال فيها: “سأستقيل من منصب المدير التنفيذي حالما أجد شخصاً أحمق بما يكفي لتولّي الوظيفة.”
أما عن هوية المدير الجديد، فقد دارت بعض الإشاعات حول إمكانية تعيين المدير السابق جاك دورسي، إلا أن الأخير نفى ذلك بدوره بعد أن طُرح عليه هذا السؤال من قبل أحد مستخدمي تويتر.
وكان ماسك قد استحوذ على المنصة الشهيرة بعد صفقة مثيرة للجدل بقيمة 44 مليار دولار، تبعها طرد حوالي نصف موظفي الشركة حول العالم، بالإضافة إلى 80% تقريباً من الموظفين المُتعاقدين، من ضمنهم المدير التنفيذي باراج اجراوال.
تسلا في خطر!
ويبدو أن مشاكل تويتر لم تقتصر آثارها المدمّرة على منصة التواصل الاجتماعي فحسب، بل امتدّت لتصيب شركة تسلا العملاقة لصناعة السيارات الكهربائية، حيث انخفضت أسهم الشركة بشكلٍ حادّ بنسبة 66% منذ إعلان ماسك عن اهتمامه بمنصة تويتر، وبنسبة 45% منذ استحواذه عليها بالفعل.
واليوم، وصلت أسهم تسلا إلى أدنى مستوياتها منذ شهر سبتمبر/أيلول 2020، وهذا هو الأداء الأسبوعي الأسوأ للشركة منذ أزمة كوفيد-19، والسنوي الأسوأ كذلك منذ طرحها للاكتتاب العام في 2010، حيث انخفض سعر السهم الواحد إلى حدود 123 دولاراً منخفضاً عن مستويات 297 دولاراً عند بداية العام الحالي، بينما انخفضت القيمة السوقية للشركة من 1.2 تريليون دولار إلى ما دون 400 مليار فقط.
وفي محاولة لطمأنة المستثمرين، تعهد إيلون ماسك بأنه لن يبيع أياً من أسهمه خلال العامين القادمين، إلا أن هذه العهود لم تنجح فيما يبدو بتهدئة مخاوف المستثمرين الذين طالبوا ماسك بالكف عن إغراق نفسه في مشاكل تويتر، والعودة للتركيز على إدارة تسلا وSpaceX، وهما شركتان يتولى ماسك منصب المدير التنفيذي لهما أيضاً.
وسبق لماسك أن أطلق عهوداً كهذه ولكن الأرقام تشير إلى قيامه ببيع أسهماً بقيمة 40 مليار دولار منذ نهاية العام الفائت لتمويل صفقة الاستحواذ على تويتر فيما يبدو، حيث تم بيع أسهم بقيمة 23 مليار دولار منذ إعلان ماسك عن رغبته بالاستحواذ على تويتر، منها أسهم بقيمة 15 مليار دولار تم بيعها بعد إطلاق عهود مشابهة بعد بيع أسهم تسلا، علماً أن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تفرض على الشركات المتاحة للاستثمار العام الإعلان بوضوح عن المعلومات الهامة للمستثمرين، وقيام ماسك ببيع المزيد من الأسهم ربما يعرضه لتهم احتيال من جانب المستثمرين.
إذاً، يبدو أن إيلون ماسك، وشركته تسلا، ليسا في أفضل حالاتهما، وفيما يعزو الكثيرون تدهور أسهم تسلا إلى انشغال إيلون ماسك بتويتر ومشاكله، إلا أن بعض الخبراء يعتقدون أن جزءاً من هذا التدهور يمكن ربطه أيضاً بالمخاوف من الكساد في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام القادم، وتأثيراته السلبية المُحتملة على سوق السيارات، وهو الأمر نفسه الذي تنبأ به إيلون ماسك أيضاً، فيما يعتقد آخرون أن قيمة تسلا الخيالية عند بداية السنة، أي 1.2 تريليون دولار، كان مبالغاً فيها للغاية وناجمة عن الوعود التي أطلقها ماسك حول منتجاته المستقبلية، والتي لم يصدق في الكثير منها كعادته.
ومع ذلك، لا تزال تسلا حتى اليوم الشركة الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية حول العالم، إلا أن عليها التفكير جدياً في العديد من المنافسين القادمين بقوة مثل فولكسفاكن وفورد وBYD.