مؤشر ثقة المستهلكين: هو مؤشر يناقش مدى ثقة المستهلكين باقتصاد بلدهم معتمداً على فرضية بسيطة مفادها أنه إذا كان المستهلكين متفائلين ويثقون باقتصاد بلدهم فسيزيد معدل إنفاقهم مما سيحفز الاقتصاد ككل، لكن عدم ثقتهم باقتصاد بلدهم وتشاؤمهم سيخفف من الإنفاق العام مما سيبطىء حركة السوق ويؤدي بالتالي لحدوث انكماش وركود اقتصادي.
أي أن مؤشر ثقة المستهلكين عبارة عن استبيان يقيس الظروف الاقتصادية الحالية والمستقبلية، ويعبر عن التطورات القادمة في استهلاك الأسر وادخارها لمعرفة مدى تفاؤل أو تشاؤم الأشخاص بشأن اقتصاد بلدهم.
جدول المحتوى
كيف يتم قياس مؤشر ثقة المستهلكين؟
يتم قياس مؤشر ثقة المستهلكين بناءً على أسئلة عن التوقعات الاقتصادية العامة والوضع المالي المتوقع للفرد والأسرة -والذي يعتبر المرآة الأولى للوضع الاقتصادي العام- ومناقشة معدلات البطالة وقدرة العثور على وظيفة وقابلية الادخار لدى المستهلكين و…و..أي أن هذا المؤشر يقيس مواقف المستهلكين وثقتهم فيما يتعلق بآفاقهم المالية، ويشير أيضاً إلى توقعات المستهلكين لظروف العمل والوظائف المتاحة بعد ستة أشهر من الآن، كما يقيس ما إذا كان الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن دخولهم ستكون أعلى أو أقل أو تقريبًا في غضون ستة أشهر.
قراءة مؤشر ثقة المستهلكين
لقد بدأ إجراء المسح منذ عام 1967 وكان يتم كل شهرين إلى عام 1977 حيث تقرر إجراؤه كل شهر مع المحافظة على نفس الآلية، ويعتمد مؤشر ثقة المستهلك بشكل أساسي على مسح ثقة المستهلكين من خلال طرح عدد من الأسئلة على مجموعة من المستهلكين، حيث تُناقِش هذه الأسئلة الأوضاع الاقتصادية الحالية والتوقعات المستقبلية بما يخص ظروف العمل بعد ستة أشهر، وبعد جمع الإجابات تُحسب القيمة النسبية لكل سؤال ثم تتم مقارنتها مقابل كل قيمة نسبية في عام 1985 الذي تم اعتباره كخط أساس وسنة مقارنة، ثم ينتج عن هذه المقارنة للقيم النسبية قيمة المؤشر الخاصة بكل سؤال.
اقرأ أيضأ: ما هو مؤشر مبيعات التجزئة؟
إذا تجاوزت قيمة المؤشر الـ 100 فيعتبر ذلك إشارة إلى زيادة ثقة المستهلكين في الوضع الاقتصادي المستقبلي وزيادة إنفاقهم على عمليات الشراء بكل أنواعها مما يقلل ادخارهم، أما إذا كانت قراءة المؤشر أقل من 100 فيعبر هذا عن تشاؤم المستهلكين وعدم ثقتهم الكبيرة في الاقتصاد مما سيدفعهم لتقليص عمليات الشراء والميل إلى الادخار.
تبعات مؤشر ثقة المستهلكين
إن ثقة المستهلك هي المحرك الأساسي للطلب في أي اقتصاد، فإذا كان الناس غير راضين أو غير متأكدين من المستقبل ولديهم شك في اقتصاد بلدهم فلن ينفقوا كثيراً، وسيفضلون الاحتفاظ بالنقود وادخارها نتيجة خوفهم من المستقبل الاقتصادي، وهذا ماسيخفف عمليات الشراء عموماً وبالتالي سيبطئ النمو الاقتصادي.
وعلى العكس من ذلك عندما تكون ثقة المستهلكين في المستقبل الاقتصادي عالية فستزيد رغبتهم بالتسوق والشراء وإنفاق الأموال بأمان مما سيؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي على مستوى البلاد ككل، ولا داع لشرح ما يمثل الإنفاق الاستهلاكي من أهمية ووزن نسبي من الناتج المحلي الإجمالي (والذي قد يتجاوز 50% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان، متفوقاً على المكونات الأخرى للناتج المحلي الإجمالي التي هي الاستثمارات التجارية والإنفاق الحكومي وصافي الصادرات).
مؤشر ثقة المستهلكين والتضخم
إن زيادة الثقة في الاقتصاد ستخفض الشعور بالحاجة إلى الأدخار وستزيد الإنفاق على مختلف أنواع السلع مما سيرفع معدل الطلب مقابل العرض وربما يؤدي لحدوث تضخم اقتصادي، وعلاج التضخم الاقتصادي يتم بعدة طرق ووسائل لعل أنجحها هو التدخل الحكومي برفع أسعار الفائدة لإغراء المستهلكين بزيادة ادخارهم والتقليل من الإنفاق بهدف ضبط السوق وموازنة العرض والطلب، ثم إن رفع سعر الفائدة سيزيد من قيمة العملة المحلية مما سيؤثر بشكل مباشر على صادرات وواردات البلد، حيث سيخفف الطلب على صادرات البلد لأنها أصبحت تُسَعر الآن بأعلى مما تُسعر به في الأسواق الخارجية، أما الواردات فسيزيد الطلب عليها كونها أصبحت أرخص مما كانت عليه مما سيوازن سوق العرض والطلب المحلي من جديد وهذا ما سيقلل التضخم أيضاً.
القراءة الزمنية لمؤشر ثقة المستهلكين
مؤشر ثقة المستهلك رغم أهميته فهو يوسم بأنه مؤشر متأخر، أي أن نتائجه لاحقة للأحداث الاقتصادية مما يجعله غير مفيد للتنبؤ بالاتجاهات الاقتصادية المستقبلية، والسبب في ذلك أن معظم الناس لا يلحظون التغيرات الاقتصادية بشكل واضح إلا بعد شهور من حدوثها، ففي بداية الركود لا يزال الناس يشعرون بالثقة، وسيستغرق الأمر وقتاً قبل أن يفقدوا منازلهم أو وظائفهم، وفي الحقيقة إن آخر شيء يرغب المديرون بفعله هو تسريح عمالهم، ولكن بحلول الوقت الذي يكونوا قد بدأوا فيه بتسريح العمال، فإن الركود يكون قد بدأ بالفعل
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن مؤشر ثقة المستهلكين؟
هنا تأتي المفارقة فحتى إن فقد الأفراد عملهم أو مسكنهم فسيظل لديهم شعور أنه بإمكانهم العثور على وظيفة جديدة أو شقة جديدة بالسرعة التي فعلوها بها قبل بضع سنوات ولكن الحقيقة أن هذا الأمر قد يستغرق عدة أشهر قبل أن يدركوا أنه لا توجد وظائف، وبحلول ذلك الوقت سيكونوا قد دخلوا في الدين وربما تخلفوا عن سداد أقساط الرهن العقاري الخاصة بهم.
ما سبق يفسر كون الاستطلاع غالباً ما يسأل عن مدى سهولة العثور على وظائف جديدة أيضاً، لأنه عادةً لا يصبح من الصعب العثور على عمل إلا بعد تغير الاقتصاد والسبب في ذلك هو أن البطالة تعتبر أيضًا مؤشراً متأخراً.
رغم ذلك وبينما يعتبر البعض في المجتمع الاقتصادي أن مؤشر ثقة المستهلك هو مؤشر متأخر، فإن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعتبر مؤشر ثقة المستهلك مؤشرًا رئيسيًا رائداً، والجدير بالذكر أن المؤشرات الرائدة توفر معلومات نوعية تُستخدم لمراقبة الوضع الاقتصادي الحالي وتُعتبر كتحذير من نقاط التحول في النشاط الاقتصادي.
مؤشر ثقة المستهلكين بالنسبة للمستثمرين
إن المستثمرين ومحللي سوق الأسهم غالباً مايراقبون مؤشر ثقة المستهلك عن كثب بهدف الحصول على فكرة وافية عن توجه السوق والإنفاق الاستهلاكي فيه، سواء كان سيزيد أم أنه آخذ بالانخفاض، حيث إن ارتفاع المؤشر وزيادة الإنفاق الاستهلاكي ستحفز الإنفاق التجاري لتلبية الطلب الحاصل مما سيزيد الأرباح وسيرفع أسعار الأسهم في الفترة القادمة، وهذا ما سيحفز المستثمرين لشراء الأسهم حالياً، ولهذا فإنه من المرجح أن يشتري المستثمرون الأسهم إذا ارتفع مؤشر ثقة المستهلك.
نخلص إلى القول أن مؤشر ثقة المستهلكين يقيس ويقارن نظرة المستهلكين إلى الاقتصاد الكلي وظروف وسوق العمل في الوقت الحالي وعلى مدى الأشهر الستة المقبلة ويؤكد المؤشر أنه عندما يكون المستهلكون متفائلين سيزيد إنفاقهم مما سيحفز الاقتصاد، ولكن عندما يكونون متشائمين، فإن الإنفاق ينخفض.