يعبّر مؤشر طلبات إعانة البطالة عن مستويات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا المؤشر تأثير مباشر على سوق الأسهم والبورصة.
إذا كنت من متابعي أخبار المال والاقتصاد والأسواق، ولا بدّ أن تكون كذلك إذا كنت ترغب بأن تكون مستثمراً ورجل أعمالٍ ناجح، فلا شك بأن سمعت مراراً وتكراراً عن ارتفاع أو انخفاض طلبات إعانة البطالة الأمريكية، أو “معدّل الشكاوى من البطالة” كما يُطلق عليه البعض.
بل يكاد هذا الخبر لا يغيب عن النشرات الاقتصادية. ولكن ما علاقة طلبات إعانة البطالة بحالة الأسواق والأسهم، ولماذا يجب أن نهتم به ما دام شأناً أمريكياً يتعلق بمعدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية؟
في هذا المقال سنتحدث عن أهمية مؤشر طلبات إعانة البطالة الأمريكية وتأثيراتها على الأسواق، وسنعرف لماذا يجب مراقبة هذا المؤشر ضمن بقية المؤشرات الاقتصادية العالمية.
جدول المحتوى
ما المقصود بطلبات إعانة البطالة أو “معدّل الشكاوى من البطالة” كما يُطلق عليه البعض؟
هو مؤشر أو تعداد لعدد الأشخاص العاطلين عن العمل والذين يتقدمون بطلبات للحصول على تعويض أو التأمين ضد البطالة خلال فترة الأسبوع السابق، ويصدر هذا المؤشر عن وزارة العمل (DOL) بشكل أسبوعي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد في يوم الخميس من كل أسبوع الساعة الثامنة والنصف صباحاً، ويشمل مكوّنين اثنين، الأول يضمّ أولئك الذين يتقدمون بالطلبات للمرة الأولى، ويُطلق على هذه الطلبات مصطلح طلبات إعانة البطالة الأولية، بالإضافة إلى الطلبات المستمرة التي تخصّ الأشخاص الذين كانوا يحصلون بالفعل على الإعانة وما زالوا.
اقرأ أيضاً: ما الذي يعنيه قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة؟
تُعتبر طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية مؤشراً هاماً على حالة الاقتصاد الأمريكي عموماً ومستويات البطالة على وجه التحديد، فمن البديهي أنه كلما ازداد عدد طلبات إعانة البطالة الجديدة فوق المستوى المتوقع دلّ ذلك على وضع غير صحيّ للاقتصاد، فزيادة البطالة تعني إنفاقاً أقل واقتصاداً أبطأ، والعكس صحيح، ولكن ونظراً لكون هذا المؤشر متقلّب إلى حدٍّ ما كونه يصدر بشكلٍ أسبوعي، يعتمد المحللون على ما يُدعى بالمتوسط المُتحرك لطلبات إعانة البطالة لمدّة أربعة أسابيع، وهو مؤشر يقيس عدد الطلبات الجديدة خلال الأسابيع الأربعة الماضية، ويُعتبر مؤشراً أكثر موثوقية بالمقارنة مع المؤشر الأسبوعي.
على سبيل المثال، ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ غير مسبوق من حدود 200 ألف طلب إلى أكثر من 6 ملايين طلب في الشهر الثالث من عام 2020 بفعل جائحة كوفيد-19 نتيجة قيام العديد من الشركات بتخفيض عدد موظفيها أو التوقف عن العمل نهائياً بفعل قوانين الإغلاق والتباعد الاجتماعي.
ويُعتبر مؤشر طلبات إعانة البطالة الأولية مكوناً من المكونات العشرة للمؤشر الرائد Composite Index of Leading Indicators الصادر عن منظمة Conference Board الأمريكية، وهو مؤشر مصمم لتقديم إشارات باكرة عن التحولات المستقبلية المتوقعة في الاقتصاد الأمريكي.
ما هو تأثير طلبات إعانة البطالة الأمريكية على سوق الأسهم؟
كما سبق وأشرنا، يُعتبر مؤشر طلبات إعانة البطالة الأمريكية مقياساً لأداء وصحة الاقتصاد الأمريكي، ولا سيما طلبات إعانة البطالة الأوليّة كونها تدلّ على حالات البطالة الجديدة انعكاساً لأداء الشركات، ولهذا المؤشر تأثير مباشر على الأسواق المالية والأسهم، فارتفاع طلبات الإعانة فوق المستوى المتوقع يؤثر عادة بشكلٍ سلبي على الأسواق ويؤدي لانخفاضها، فارتفاع معدلات البطالة يعني أن إنفاق المستهلكين على الخدمات والبضائع سينخفض، وبالتالي ستتراجع أرباح الشركات وتزداد مخاوف المستثمرين، وكل ذلك يؤدي بالنتيجة إلى انخفاض أسعار الأسهم وتراجع المؤشرات.
ومن جانب آخر، فإن الانخفاض المهم في طلبات إعانة البطالة ربما يؤثر إيجاباً على سوق الأسهم كونه يدلّ على بدء تعافي الاقتصاد ويدفع المستثمرين لإعادة النظر في قرار بيع الأسهم أو الإقبال على الشراء تحت تأثير نظرة تفاؤلية للمستقبل.
ومن الأمثلة على ذلك العلاقة العكسية بين مؤشر طلبات إعانة البطالة ومؤشري S&P 500 وناسداك، فخلال فترة الركود الاقتصادي الأمريكي بين عامي 2000 و2002 وبالتزامن مع ارتفاع معدلات البطالة، انخفض مؤشر اس اند بي 500 بمعدل 15% سنوياً، فيما انخفض مؤشر ناسداك بمعدل 35% سنوياً.
اقرأ أيضاً: سندات الخزينة الأميركية
ولكن هذه العلاقة بين أسواق الأسهم ومؤشر طلبات إعانة البطالة ليست بتلك البساطة، بل هي علاقة معقدة وتتدخل فيها العديد من العوامل والأطراف، ومنها مستويات التضخّم والظروف العالمية والتدخلات المحتملة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
على سبيل المثال، فإن معدلات البطالة المرتفعة المقروءة من خلال ارتفاع مؤشر طلبات إعانة البطالة ربما تدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض معدلات الفائدة بهدف تنشيط الاقتصاد والحثّ على الاقتراض والإنفاق بهدف تخفيض معدّلات البطالة، لذلك يمكن في بعض الظروف قراءة الأخبار السيئة كأخبار جيّدة، أي أن ارتفاع مؤشر طلبات إعانة البطالة في أوقات الركود ربما ينبئ بخفض مستقبلي لأسعار الفائدة وتنشيط الاقتصاد في حال كانت الظروف مهيأة لذلك، وبالتالي تنشيط أسواق الأسهم بالنتيجة، ولكن هذا يحدث على المدى البعيد نسبياً.
إذاً، يمكن القول بأن مؤشر إعانة البطالة الأمريكية هو مؤشر هام على صحة وسلامة الاقتصاد الأمريكي، والعالمي عموماً بالنظر لأهمية الاقتصاد الأمريكي عالمياً، وهو يرتبط ارتباطاً عكسياً بأسعار الأسهم والمؤشرات الاقتصادية، إلا أن هناك عوامل أخرى ربما تؤثر في هذه العلاقة وتحرفها عن مسارها العكسي المُعتاد، كما يحدث في أوقات الأزمات الكُبرى والتضخّم.