الاستثمار في القطاع العقاري يمكن كأي قطاعٍ آخر، إما بالاستثمار المباشر عبر شراء العقارات وتأجيرها أو رهنها أو بيعها عند ارتفاع أسعارها وتحقيق الربح، أو من خلال الاستثمار غير المباشر عبر شراء الأسهم وتداولها في صناديق الاستثمار المُشتركة.
لم يكد العالم يخرج من صدمة وباء كوفيد-19، حتى دخل سلسلة من أزمات سياسية وعسكرية واقتصادية مُتلاحقة، وعلى إثر ذلك ارتفعت مستويات التضخم إلى مستويات قياسية حول العالم تُعتبر الأعلى منذ ثمانينات القرن الماضي، وفي مثل هذه الظروف ينظر المستثمرون لسوق العقارات باعتبارها ملاذاً آمناً في أوقات التضخم.
يُعتبر الاستثمار في القطاع العقاري أمراً مُكلفاً ويتطلب رأس مالٍ كبير بالنسبة للمستثمرين الصغار والناس العاديين، كما أنه محفوف بالمخاطر نتيجة اضطرار المستثمرين لوضع رأس مالٍ كبير في عقار واحد أو عددٍ قليل من العقارات، مما يعني إمكانية التعرّض لخسارات كبيرة عند هبوط سعر العقار لسببٍ أو لآخر، وللتغلب على هذه المخاطر تم ابتكار فكرة صناديق الاستثمار العقارية المُتداولة، ويمكن اعتبارها شكلاً خاصاً من أشكال صناديق الاستثمار المُشتركة أو صناديق المؤشرات المُتداولة ETFs في القطاعات الاستثمارية الأخرى.
ما هي صناديق الاستثمار العقارية المُتداولة؟ وما مزاياها ومساوئها؟
صناديق الاستثمار العقارية المُتداولة، أو “ريت” REITs اختصاراً، هي عبارة عن صناديق استثمارية لشركات متخصصة في الاستثمار في القطاع العقاري، تُدير وتستثمر، أو تُموّل، عقارات متنوعة جاهزة للاستخدام تشمل المنازل والفنادق والمشافي ومراكز التسوق والمستودعات ومنشآت البنية التحتية وغيرها.
تحصل صناديق الاستثمار العقارية على أرباحها من خلال بيع أو تأجير أو رهن تلك العقارات المُستثمرة، وتتيح هذه الصناديق للعموم إمكانية شراء أسهم أو أصول في تلك الصناديق وتداولها والحصول على الأرباح الناجمة عن سوق العقارات، كما توفّر تمويلاً إضافياً للشركات العقارية لتطوير وتوسيع أعمالها، كما هو الحال في الصناديق الاستثمارية في مختلف الصناعات الأخرى.
توفر صناديق الاستثمار العقارية خياراً جيّداً لصغار المستثمرين لدخول سوق العقارات وتحقيق الأرباح من خلاله، ممن لا يملكون القدرة على شراء العقارات باهظة الثمن، وتلتزم معظم صناديق الاستثمارات العقارية بتوزيع 90% من أرباحها سنوياً على المستثمرين كحدّ أدنى، في حين تقوم بعض الصناديق بتوزيع نسب أكبر تصل إلى 100%.
كما أن الاستثمار في صناديق الاستثمار العقارية المُتداولة يوفر ميزة إضافية وهامة للمستثمرين، وهي السيولة العالية، فمن السهل بيع وشراء الأسهم في هذه الصناديق على عكس الاستثمار المباشر في العقارات، كما أن الاستثمار في هذه الصناديق يخفف المخاطرة للغاية من خلال تنويع المحفظة الاستثمارية.
من ناحية أخرى، فإن التزام صناديق الريت بتوزيع نسب عالية من الأرباح يقلل من قدرتها على النمو السريع وتطوير أعمالها، كما أن هذه الصناديق تُفقد المستثمرين بها القدرة على إدارة استثماراتهم العقارية بشكلٍ أو بآخر على الرغم من الشفافية العالية والتقارير الدورية التي تصل للمستثمرين.
ويُقدّر أن 145 مليون مواطن أمريكي يعيشون في منازل مُستثمرة في صناديق الاستثمار العقارية المتداولة، وأن هذه الصناديق تمتلك أصولاً بقيمة 3.5 تريليون دولار في عموم الولايات المتحدة الأمريكية.
يمكن لأي شخص الاستثمار في صناديق الريت المُدرجة في أسواق الأوراق المالية (البورصات) حالها حال بقية أشكال الأسهم.
جدول المحتوى
قائمة بمجموعة من أهم صناديق الاستثمار العقارية العالمية والعربية:
1- Annaly Capital Management Inc. (NLY):
هو أحد أضخم صناديق الاستثمار العقارية، وهو متخصص في الأصول السكنية والتجارية، تأسس في عام 1997 ومقرها في مدينة نيويورك الأمريكية، وتبلغ قيمتها السوقية أكثر من 10 مليار دولار، وقيمة السهم الواحد في بورصة نيويورك حوالي 6.6 دولار أمريكي، وكانت قد أعلنت عن أرباح الربع الثاني من عام 2022 بقيمة 0.22 دولار للسهم الواحد.
2- New Residential Investment Corp. (NRZ):
وهو أيضاً صندوق استثمار عقاري أمريكي، مقرّه مدينة نيويورك الأمريكية، بقيمة سوقية تساوي حوالي 5.06 مليار دولار، وقيمة السهم الواحد في بورصة نيويورك بحدود 10.9 دولار، ويتخصص هذا الصندوق بالعقارات السكنية.
3- Sun Communities, Inc. (SUI):
يتميز هذا الصندوق بتركيزه على مجمعّات المنازل مسبقة الصنع والمنتجعات البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكندا، حيث تمتلك الشركة (الصندوق) حالياً حوالي 183 مجمعاً سكنياً و130 منتجعاً بحرياً وأكثر من 40 موقعاً للاصطياف، تبلغ قيمة السهم الواحد في الصندوق على بورصة ناسداك حوالي 161.8 دولار حالياً، وبقيمة سوقية تناهز 20 مليار دولار.
4- SL Green Realty Corp. (SLG):
يركز هذا الصندوق اهتمامه على مراكز التسوق والمباني المخصصة للمكاتب التجارية، ولا سيما في منطقة نيويورك الكُبرى، حيث يدير ويستثمر عقارات بمساحة إجمالية تصل إلى حوالي 35 مليون قدم مربّع، وتصل القيمة السوقية للصندوق إلى 49.5 مليار دولار، وقيمة السهم الواحد على بورصة نيويورك حوالي 49.4 دولار.
5- American Tower Corp. (AMT):
ينحو هذا الصندوق منحى مختلفاً بعض الشيء، إذ يتخصص في امتلاك وتشغيل وإدارة أبراج الاتصالات والبنية التحتية اللازمة لشبكات الاتصالات اللاسلكية، حيث تشغل الشركة حالياً أكثر من 220.000 موقع وبرج اتصالات في الولايات المتحدة الأمريكية والهند، وتصل القيمة السوقية للصندوق إلى حوالي 122.5 مليار دولار، ويتداول السهم الواحد في بورصة نيويورك عند 266.6 دولار.
6- Simon Property Group, Inc. (SPG):
هو صندوق متخصص في الاستثمار في القطاع العقاري في مراكز التسوّق ومنافذ البيع والمجمّعات التجارية الترفيهية، تبلغ القيمة السوقية لهذا الصندوق حوالي 35 مليار دولار، وتصل قيمة السهم الواحد على بورصة نيويورك إلى 16.9 دولار، ويتوقع محللون في بنك أمريكا أرباحاً جيدة لهذا الصندوق خلال الربع الأخير من العام الجاري وينصح بالاستثمار فيه لهذا العام.
ومن الأمثلة على صناديق الاستثمار العقارية المُتداولة في المنطقة العربية، نذكر:
7- الرياض ريت:
وهو صندوق استثمار عقاري متوافق مع الشريعة الإسلامية، متخصص بالاستثمار في الأصول العقارية المُدرّة للدخل في المملكة العربية السعودية بشكل خاص، ويلتزم بتوزيع 90% على الأقل من أرباح الصندوق على المستثمرين، وتبلغ القيمة السوقية للصندوق 1.88 مليار ريال سعودي، وقيمة السهم الواحد في السوق المالية السعودية عند 10.98 ريال سعودي.
8- صندوق المصريين للاستثمار العقاري (EGREF):
هو أول صندوق استثماري عقاري في مصر، وهو صندوق استثمار مغلق لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، تأسس في عام 2018، وتصل قيمته السوقية إلى 220.5 مليون جنيه مصري، ويتداول السهم الواحد في البورصة المصرية عند مستوى 12.2 جنيه مصري.