العودة للخلف

الاستثمار في الأندية الرياضية بالأرقام

صناعة كرة القدم الاستثمار في الأندية الرياضية بالأرقام

الاستثمار في الأندية الرياضية هو استثمار ناجح حيث يُدرك متابعي وعشاق الرياضة عموماً، وكرة القدم على وجه التحديد، أن هذه اللعبة لم تعد مجرد هواية أو لعبة للمتعة والتسلية، بل أصبحت صناعة هائلة تُنفق عليها ملايين ومليارات الدولارات، وتدرّ أرباحاً طائلة، بل حتى أنها باتت في كثيرٍ من الأحيان جزءاً من ثقافة الشعوب وحضارتها، وربما تمثل رموزاً وطنية وشعبية أحياناً، وباتت الأندية تمتلك ميزانيات هائلة تنافس ميزانيات بعض الدول الصغيرة أحياناً، وأصبحنا نشاهد عقوداً لبيع وشراء اللاعبين المحترفين بملايين الدولارات.

إذاً، تحولّت الرياضة، ولا سيما كرة القدم، إلى صناعة وطاولة تعقد عليها صفقات ضخمة وتُنفق عليها مبالغ كبيرة لتحقيق أرباح أكبر، وتتأثر بالأحداث السياسة والاقتصادية العالمية، بل ربما تتسبب بأزمات بين الدول تصل إلى نشوب الحروب أحياناً، ولم تعد كرة القدم مجرد رياضة!

ولكن، من أين تحصل الأندية الرياضية على تمويلها وأرباحها؟

تحوّلت العديد من الأندية الرياضية إلى أكثر من مجرد أندية، وأصبحت تمتلك منشآت رياضية ضخمة تثير الدهشة وأكاديميات لتدريب اللاعبين منذ الطفولة وتحويلهم إلى لاعبين محترفين يلعبون لصالح النادي نفسه أو تقوم ببيعهم لأندية أخرى بمبالغ خيالية، فمن أين تحصل هذه الأندية على التمويل اللازم، وما مصادر أرباحها؟

في الحقيقة، تحصل الأندية الرياضية على الأموال والأرباح من عدّة مصادر، مثل بيع تذاكر حضور المباريات وبيع المنتجات الرياضية المتعلقة بالأندية مثل القمصان والأحذية، بالإضافة إلى الحصول على الأموال من الشركات الراعية وصفقات بيع اللاعبين وبيع حقوق بث المباريات بالإضافة إلى الجوائز المالية الكبيرة التي تحصل عليها بعد الفوز بالألقاب، ولعلكم سمعتم مؤخراً خبر قيام نادي برشلونة الإسباني بتأجير ملعبه الشهير، الكامب نو، لإقامة حفلات الأعراس!

ومن البديهي أنه كلما ازداد نجاح أحد الأندية وحصل على ألقاب أكثر، كلما ازدادت شعبيته وجماهيريته، وارتفعت بالنتيجة أرباحه القادمة من جميع المصادر السابقة.

لماذا تقوم الدول في الاستثمار في الأندية؟

تلجأ العديد من الدول والشركات الكُبرى إلى رعاية بعض الأندية الشهيرة لأغراض سياسية أو اقتصادية أو دعائية، على سبيل المثال، قامت دولة راوندا باستثمار 30 مليون يورو لرعاية نادي أرسنال الإنجليزي بهدف ترويج السياحة في الدولة الافريقية الناهضة بقوّة، واشترى امير قطر تميم بن حمد آل ثاني نادي باريس سان جيرمان في عام 2011، ويعتقد العديد من الخبراء أن الهدف من وراء ذلك هو الترويج لدولة قطر الحديثة وتنويع اقتصاد الدولة وتقليل الاعتماد على الغاز، وجميعنا نشاهد شعارات شركة الخطوط الجوية القطرية Qatar  Airways والاتحاد الإماراتية على قمصان لاعبي العديد من أشهر الأندية الأوروبية.

هل يمكن للجماهير أيضاً الاستثمار في الأندية المفضلة؟

على الرغم من سيطرة رجال الأعمال والمليارديرات أو شيوخ وأمراء دول الخليج على قطاع الاستثمار في أندية كرة القدم، إلا أن ذلك ليس حكراً عليهم في الواقع، بل يمكن للجماهير وعموم الناس الاستثمار في تلك الأندية من خلال شراء الأسهم وتداولها، إلا أن ذلك ليس متاحاً لجميع الأندية، وإنما فقط للمُصنفة منها كشركات عامّة محدودة (PLC).

يمكن للجماهير شراء الأسهم في هذه الأندية من خلال شركات الوساطة ومنصات التداول بعد فتح حسابات تداول وإيداع الأموال اللازمة وتداول هذه الأسهم بعد ذلك بيعاً وشراءً.

من أشهر الأندية التي يمكن الاستثمار فيها نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي والذي يحتل المرتبة الرابعة من حيث أكثر الأندية الرياضية قيمة في العالم بقيمة سوقية تصل إلى 4.2 مليار دولار، بالإضافة إلى أندية أخرى مثل نادي بوروسيا دورتموند الألماني وناديي روما وجوفنتوس الإيطاليين.

يستثمر معظم الجماهير في الأندية التي يشجعونها عموماً كوسيلة من وسائل دعمها، ويأملون فوز أنديتهم المُحببة بالألقاب وبالتالي ارتفاع قيمتها والحصول على الأرباح بفضل الأسهم التي قاموا بشراءها، كما أنه ليس من المنطقي عادة أن يشتري أحدهم أسهماً في فريق منافس للفريق الذي يقوم بتشجيعه!

مع ذلك، يُعتبر الاستثمار في الأندية الرياضية أمراً محفوفاً بالمخاطر وغير مُتوقع النتائج نظراً لعدم إمكانية توقع النتائج بسبب عوامل الحظ والإصابات وتنقلات اللاعبين وتوجهات الشركات الراعية وغير ذلك، فعلى الرغم من كل شيء، تبقى كرة القدم لعبة تنافسية للغاية وتتأثر بالعديد من العوامل الرياضية وغير الرياضية، وجميعنا شاهدنا تأثير الحرب الروسية الأوكرانية مؤخراً على كرة القدم الأوروبية، ولا سيما نادي تشيلسي الإنجليزي الذي كان مملوكاً للملياردير الروسي رومان ابراموفيتش ومن ثم أُجبر من قبل الحكومة البريطانية على بيعه بسبب علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

على سبيل المثال، خلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفعت قيمة أسهم نادي مانشستر يونايتد بنسبة 4.47% فقط، في حين ارتفعت أسهم نادي جوفنتوس الإيطالي بنسبة 156.25% في حين انخفضت أسهم بوروسيا دورتموند بنسبة 14% ونادي روما بنسبة 9.76%، ويمكننا أن نلاحظ تفاوت النسب وعدم استنادها على عوامل محددة وقابلة للتوقع.

اطلع على: الاستثمار في نايكي والملابس الرياضية

مونديال قطر 2022

يُعتبر كأس العالم لكرة القدم أهم وأضخم الأحداث الرياضية منذ عشرات السنين والأكثر جذباً للجماهير والمتابعين من جميع الأنحاء العالم، يُقام الحدث مرة كل أربع سنوات وتتنافس جميع دول العالم للفوز بشرف استضافة الحدث على أراضيها، وتُنفق مليارات الدولارات لإنشاء بنية تحتية ملائمة لاستضافة مثل هذا الحدث الضخم، ولكن هل يُعتبر الأمر مجدياً من الناحية الاقتصادية؟ وهل يستحق كل هذا العناء والإنفاق؟

في الحقيقة، يبدو الأمر مجدياً بالفعل، إذ تُشير التقديرات إلى أن قطر ستجذب حوالي 1.2 زائر لحضور أحداث كأس العالم 2022 الذي تستضيفه قطر، وتُعتبر هذه المرة الأولى التي تقوم فيها دولة عربية باستضافة الحدث الأهم والأضخم كروياً، وتشير الأرقام أيضاً إلى أن هذا الحدث سيضيف حوالي 17 مليار دولار إلى اقتصاد قطر.

ولكن يبدو أن الدول لا تهتم باستضافة كأس العالم لمجرد تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة وقصيرة الأمد خلال فترة استضافة المونديال، فقطر على سبيل المثال تقول أنها تتوقع توفير 1.5 مليون فرصة عمل في البلاد بحلول العام 2022، بالإضافة إلى تنشيط القطاع السياحي في البلاد خلال فترة أحداث المونديال وبعده وجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم وإمكانية استضافة أحداث رياضية أخرى بعد إنشاء البنية التحتية المطلوبة.

ختاماً

من البديهي أن الرياضة عموماً، وكرة القدم خصوصاً، لم تعد كما كانت منذ ثلاثة أو أربعة عقود، بل تحوّلت إلى صناعة ضخمة تنمو وتزدهر بشكلٍ مضطرد، ولا يبدو أن نموّها سيتوقف في ظل شعبيتها الكبيرة وعشق الجماهير في مختلف أنحاء العالم لهذه اللعبة.

إن الاستثمار في أندية كرة القدم هي عملية محفوفة بالمخاطر نظراً لعدم إمكانية التنبؤ بمستقبل الأندية وتأثرها بالعديد من العوامل التي لا يمكن التحكم بها أحياناً، ويمكن القول عموماً أن الاستثمار في أندية كرة القدم هو أمرٌ عاطفيّ بالدرجة الأولى تدعم من خلاله الجماهير أنديتها المفضلة وتقترب منها أكثر، ولا يجب توقع أرباح كبيرة من مثل هذه الاستثمارات، ولا سيما على المدى القصير والمتوسط

هل ترى أي فرصة للتداول؟ قم بفتح حسابا للتداول الآن!

هل ترى أي فرصة للتداول؟

افتح حسابك الآن

تابعونا عبر السوشال ميديا

أحدث المقالات

  • نظام العمل السعودي
  • المفكرة الاقتصادية
  • الثورة الصناعية الرابعة
  • الملاءة المالية