العودة للخلف

الاضطرابات في الصين والقلق لسهم آبل!

الاضطرابات في الصين والقلق لسهم آبل!

ما لذي يحدث في الصين؟

بدأت الاضطرابات في الصين الشهر الماضي إثر تزايد تفشي حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتزامن ذلك مع اندلاع حريق مميت في مدينة أورومتشي انتشرت إثره الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، إثر زعم المتظاهرين أن هذ الحريق نجم عن تأخر فرق الإنقاذ بسبب إجراءات الإغلاق المشددة.

الذي ساهم في تأجج الاضطرابات في الصين هو مواصلة الحكومة تشديد قيودها المفروضة على البلاد للسيطرة قدر الإمكان على الفايروس، وقد تجلى الأثر المباشر لهذه القيود بقرار المسؤولين الصينيين المحليين إغلاق واحداً من أهم وأكبر المصانع الموجودة وسط الصين -مصنع شركة آبل- لمدة سبعة أيام متوالية! وما زاد الموضوع سوءاً هو تزامن هذا الإغلاق مع الفترة التي تسبق موسم العطلات مما سيؤثر سلباً بالتأكيد على أسهم ومبيعات شركة Apple، كون الصين هي مركز الإنتاج الرئيسي للشركة، وهذا ما أكدته الشركة للأسف، إذ قالت إنها لن تتمكن من إنتاج ما يكفي من الهواتف لتلبية متطلبات موسم الأعياد.

هل فات الأوان على إنقاذ آبل في الصين؟

وصلت بعض الأخبار المُسعِفة لشركة آبل إذ قررت الحكومة رفع الإغلاق، وقال دانيال آيفز المحلل في شركة ويدبوش إن تخفيف القيود في الصين يعد أخبارًا جيدة لشركة آبل، إذ أشار إلى أن المصنع كان يعمل بنسبة 20-30٪ من طاقته خلال الشهر الماضي، مما أدى إلى نقص كبير في أجهزة iPhone على مستوى العالم، ويقدِّر المحلل أن نسبة الطلب للعرض اليوم هي بحدود 3 إلى 1، وسيتم تأجيل بيع حوالي 10 إلى 15 مليون iPhone من كانون الثاني إلى آذار، إذ قال آيفز: “نعتقد أنه بحلول أوائل كانون الأول سيكون من الصعوبة بمكان الحصول على iPhone 14 Pro إذ أن العديد من متاجر Apple لديها الآن نقص في iPhone 14 Pro بما يصل إلى 25٪ -30٪ أقلاً من المعتاد في شهر كانون الأول”.

اقرأ أيضاً: دليلك للاستثمار في قطاع الاتصالات

وقال آيفز إن الطلب على وحدات iPhone 14 خلال عطلة نهاية أسبوع الجمعة السوداء كان أعلى بكثير من العرض مما سيتسبب في نقص كبير في عطلة الكريسماس، وتوقع المحلل أن تبلغ مبيعات iPhone في عطلة نهاية الأسبوع الجمعة السوداء حوالي 8 ملايين وحدة، بانخفاض مليوني وحدة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

كل أسبوع من هذا الإغلاق والاضطراب في الصين كلف Apple قرابة مليار دولار أسبوعياً، وكل ما سبق بالتأكيد سيؤثر على تداول أسهم Apple Inc (NASDAQ: AAPL) التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً بسبب نقص إنتاج iPhone وسط هذه الاحتجاجات التي عصفت بالصين.

تداع إمبراطورية آبل في الصين..

إضافةً لكل ما سبق من الاضطرابات في الصين، فقد شهد مصنع آبل أكبر تمرد عمالة في تاريخه، حيث بدأ مئات العمال ومعظمهم من الموظفين الجدد بالاحتجاج على ظروفهم المعيشية وتحولت المشاهد إلى أعمال عنف متزايدة إثر اشتباك العمال مع عدد كبير من قوات الأمن، وقيام جزء كبير منهم بمغادرة حرم المصنع مما أدى لنقص الموظفين، حيث أفادت وسائل الإعلام الحكومية أنه تم توظيف 100000 شخص لملء هذه الوظائف الشاغرة، وهذا ما استوجب من الشركة أيضاً محاولة جذب العمال بتقديم مكافآت عالية لهم للعودة الى أماكنهم في العمل حيث قالت الشركة إنها ضاعفت المكافآت اليومية للعاملين في المصنع أربع مرات هذا الشهر.

هذه الأحداث مجتمعة سلطت الضوء على نقطة هامة وهي الضرر الذي لحق بشركات التكنولوجيا العالمية إثر سياسة الدولة الصارمة بشأن كورونا، ورغم إذعان الصين في نهاية المطاف وقيامها برفع الإغلاق في المدينة التي يوجد فيها مصنع iPhone إلا أنها لن تعتبر وجهة استثمارية آمنة بعد اليوم بالنسبة لآبل!

اقرأ أيضاً: الاستثمار في صناعة التكنولوجيا.. فرصة استثمارية لا يجب تفويتها

آبل التي بنت إمبراطوريتها في الصين ربما تفكر الآن في تغيير وجهتها بعد أن بدأت هذه الإمبراطورية بالتصدع، إذ يتوقع المحللون تسارع المخاطر وتراجع Apple وفي هذا قال إيلي فريدمان، الأستاذ المساعد في جامعة كورنيل الذي يدرس العمل في الصين في إشارة منه لمستقبل آبل الخطر في الصين: “إن سلسلة التوريد الصينية لن تتبخر بين عشية وضحاها”، وأردف قائلاً: “الفصل ليس واقعياً بالنسبة لهذه الشركات في الوقت الحالي”، رغم أنه توقع تسريع تنويع آبل لمصانعها وأماكن إنتاجها.

هل تصبح الهند وفيتنام الوجهة الجديدة لآبل!

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق من هذا العام أن شركة آبل كانت تتطلع إلى زيادة الإنتاج في دول مثل فيتنام والهند، متذرعة بسياسة كوفيد الصينية الصارمة كأحد الأسباب، وكانت آبل قد بدأت بالفعل بالسعي لتنويع سلسلة التوريد الخاصة بها بعيدًا عن الصين، إذ بدأت بتصنيع نسبة صغيرة من أحدث أجهزة iPhone في الهند وحولت إنتاج العديد من المنتجات الأخرى إلى فيتنام، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مصانع الهند وفيتنام بهما عشرات الآلاف فقط من العمال، وهو ما يعتبر جزءاً صغيراً من العمالة التي تتمتع بها شركة Apple في الصين التي تبلغ حوالي ثلاثة ملايين عامل.

اقرأ أيضاً: إيلون ماسك يعتزم التخلي عن إدارة تويتر.. فهل ينقذ تسلا؟

إن نمو المصانع في جنوب الهند يمثل بداية جديدة لأكبر شركة تكنولوجيا في العالم فالنجاح الباهر الذي حققته شركة Apple في العقدين الماضيين -حيث زادت إيراداتها 70 ضعفًا وارتفع سعر سهمها 600 ضعف وبلغت قيمته السوقية 2.4 تريليون دولار- يرجع بشكل ملموس إلى رهانها الكبير على الصين واعتمادها على المصانع الموجودة فيها، التي تنتج الآن أكثر من 90٪ من منتجاتها، إضافة إلى استقطاب المستهلكين الصينيين الذين ساهموا في بعض السنوات بما يصل إلى ربع إيراداتها. ومع ذلك، فإن التحولات الاقتصادية والجيوسياسية تجبر الشركة على بداية جديدة سريعة، وكان الإعلان عن سياسة التغيير هذه في أواخر أيلول الماضي بمثابة تغير كبير في استراتيجية آبل، إذ جاء في وقت كانت فيه شركات التكنولوجيا الأمريكية تبحث عن بدائل للصين التي ظلت لعقود المصنع العالمي الأكثر أهمية.

إن تغيير آبل لوجهتها بعيدًا عن الصين يمثل تحولًا كبيرًا ليس فقط للشركة إنما للاقتصاد العالمي ككل ويزيد الاضطرابات في الصين.

مصنع آيفون يهجر الصين ويزيد الاضطرابات في الصين!

ليس من قبيل المصادفة أن نجاة شركة Apple من الإفلاس الوشيك في التسعينيات ووصولها إلى الشركة الأكثر قيمة في العالم قد استنار بخطى الصعود الاقتصادي الصيني، حيث إن المنتجات المصممة في كاليفورنيا كان يتم تجميعها بسعر رخيص في الصين ومن ثم يتم بيعها للطبقة المتوسطة المتنامية في البلاد.

لا ننكر أن شركة آبل جنت أرباحًا جيدة مع ازدهار الاقتصاد الصيني، ولكن مع تعثر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وتدخل الحكومتين في أعمال شركة Apple، انتقلت الشركة من واحدة من أعظم قصص نجاح العولمة إلى رمز لتعثرها أمام المتغيرات الكبيرة، إذ تؤكد التطورات الأخيرة كيف تحولت علاقات Apple الوثيقة مع الصين -والتي كانت تعتبر ذات يوم نقطة قوة لمعظم أعمال الصين- إلى مسؤولية على عاتق جميع الأطراف.

وفي هذا قال ماثيو توربين، من معهد هوفر المتخصص في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين: “تكتشف شركة آبل أن الجغرافيا السياسية تقود نماذج الأعمال – وليس العكس”

أما جيف فيلدهاك، المحلل في Counterpoint Research وهي شركة أبحاث تكنولوجية، فقال: “إن تخفيف قيود Covid قد يسمح لشركة Apple بسد بعض نقص الإمدادات لديها وتلبية جزء من الطلب، لكن الشركة ستظل تخسر مبيعاتها في موسم العطلات هذا”

سيكون من الصعب على شركة آبل أن تفك ارتباطها بالصين، إذ كانت الشركة قد أمضت عقدين من الزمن في العمل مع شركاء التصنيع الصينيين لبناء مصانع ضخمة مدعومة بشبكة واسعة من الموردين في الدولة.

هل ترى أي فرصة للتداول؟

افتح حسابك الآن

تابعونا عبر السوشال ميديا

أحدث المقالات

  • الاقتصاد-الجزئي
  • سهم عذيب
  • شات جي بي تي
  • الريال السعودي